گروه نرم افزاری آسمان

صفحه اصلی
کتابخانه
جلد اول
[الجزء الثانی عشر]







مقدمۀ
بسم اللّه الرّحمن الرّحیم
الحمد للّه رب العالمین و الصلاة و السلام علی أفضل و أشرف رسله و أنبیائه سیدنا محمد صلّی اللّه علیه و سلّم، و علی آله و صحبه
أجمعین، و من تبعهم بإحسان إلی یوم الدین.
و بعد:
فهذا هو لقاؤنا الثانی عشر معکم فی سلسلتنا (ومضات إعجازیۀ)، و سنتعرض فی هذا الکتاب و الذي یلیه إلی السبق القرآنی فی مجال
غایۀ فی الأهمیۀ، و هو النفس البشریۀ علومها و أسرارها.
إن موضوع الجملۀ العصبیۀ و النفس و الأرواح هو من المواضیع المعقدة و الشائکۀ لأنها ترتبط ارتباطا مباشرا بهذه النعمۀ الإلهیۀ
العظیمۀ، الدماغ هذا اللغز الذي حیر البشریۀ منذ نشأتها و إلی الآن و حتی یرث اللّه الأرض و من علیها .. و هذا الموضوع أیضا فیه من
الإعجاز القرآنی ما یبعث علی العجب حقا، و إن ما توصل إلیه کبار علماء و جراحو العالم ممن کانوا لا یعتقدون بوجود الروح و أن
الإنسان هو مادة فقط، یعتبر نصرا کبیرا للإسلام، و من أراد التفصیل فلیرجع إلی کتب و مقالات و بحوث و دراسات أجراها علماء و
باحثون و مختصون و أطباء و خبراء عالمیون کثیرون من المسلمین أو من الأجانب غیر المسلمین .. فقد اعترف هؤلاء من خلال هذه
البحوث بوجود الروح، و أن الإنسان هو روح و جسد و لیس جسد حسب، و أن القرآن هو الحق المطلق، و أن المعلومات التی
توصلوا إلیها فی بحوثهم الطبیۀ سواء أ کانت فی الطب النفسی و الأحلام أو الجملۀ العصبیۀ و الدماغ و متاهاته أو موضوع الأرواح و
الباراسایکولوجی فی سنین عدیدة تصل إلی 30 عاما من العمل المضنی لفریق أو فرق بکاملها، فإن القرآن العظیم و السنۀ الشریفۀ
کانا قد سبقاهم بالإشارة فی آیات أو أحادیث شریفۀ، و قد أثبتوا ذلک علمیا و عرضوا نتائجهم فی مؤتمرات و بحوث علمیۀ طبیۀ ..
و قد قام الدکتور الاختصاصی بهذا المجال أحمد عدنان بإلقاء عدة محاضرات بهذا الخصوص موضحا الإعجاز القرآنی العظیم فی
صفحۀ 8 من 38
هذا الحقل من العلم فجزاه اللّه ألف خیر،
ص: 4
و فی کتابنا هذا و الذي یلیه سیکون لنا إطلالۀ علی هذا البحر الکبیر.
کما یبحث هذا الکتاب فی تربیۀ الإسلام للنفس البشریۀ و کیفیۀ السمو بها لتجعل من صاحبها فردا مفیدا للمجتمع، و کیف عالج کل
من القرآن و السنۀ هذه المفردة الخطیرة التی یبنی علیها کل معروف و خیر فی هذا العالم .. و الإسلام یبنی الأمور علی التناغم و
الترابط بین المادة و الروح، و العلم و الخلق و کما ذکرنا فی الکتب السابقۀ ... فمثلا یبین لنا النبی صلّی اللّه علیه و سلّم أن العمل الخیّر
و المعروف لا یقتصر علی ممارسات تعبدیۀ، بل هو خلق جمیل و تعامل طیب مع الجمیع بدءا من الأسرة و انتهاء بالعمل و
المجتمعات، بل و حتی ابتسامۀ رقیقۀ مع الناس تکتب لک فیها عمل صالح یرضی به اللّه عنک و یکافئک علیه فی الدنیا بمحبۀ و
قبول تنزل لک فی قلوب الناس، و فی الآخرة لک به الجزاء الأوفی .. فقد أخرج الإمام مسلم فی صحیحه (کتاب البر و الصلۀ و
الآداب 4760 ) عن عبد اللّه بن الصّامت عن أبی ذرّ قال: قال لی النّبی صلّی اللّه علیه و سلّم (لا تحقرنّ من المعروف شیئا و لو أن تلقی
أخاك بوجه طلق) ..
فهل من تربیۀ للنفس أجمل و أسمی من ربط العبادات بالسلوك و المعاملات لبناء الإنسان الأمثل و من ثم المجتمع الأجمل.
ص: 5
الفصل الأول