گروه نرم افزاری آسمان

صفحه اصلی
کتابخانه
جلد اول
المشتق … ص: 331







اشارة
ص: 333
وفی هذا البحث بلحاظ المسائل المطروحۀ فیه، أعظم فائدة للفقیه، کما قال المحقق الرشتی.
مقدّمات البحث … ص: 333
اشارة
صفحۀ 165 من 205
ولابدَّ قبل الورود فیه، من ذکر مقدمات:
المقدّمۀ الاولی (فی أنّ البحث لغوي وکبروي …) ص: 333
اشارة
المشهور هو أنّ هذا البحث بحثٌ لغوي، لأنّه یبحث من الجهۀ اللّغویۀ عن أنّ هیئات المشتقات، هل هی موضوعۀ فی اللّغۀ بأنْ تکون
حقائق لغویّۀ أو فی العرف لحصّۀ من الذات، وهی خصوص المتلبّسۀ بالمبدأ بالفعل، أو هی موضوعۀ للأعم منها ومن غیرها؟
وعلیه، فالمحکّم فی البحث هو العلائم المقرّرة فی باب الحقیقۀ والمجاز.
أمّا علی ما ذهب إلیه الأکثر من عدم کون الذات مأخوذةً فی مفهوم المشتق، وأنّ مدلوله هو العرض لا بشرط، القابل للإتّحاد مع
الذات، فعنوان البحث هو: هل الموضوع له المشتق هو العرض المتّحد بالفعل أو الأعم منه ومن غیره؟
وقد وقع الاتّفاق علی أنّ الإطلاق علی الذات المتلبّسۀ بالفعل إطلاق
ص: 334
حقیقی، وعلی ما تتلبّس فی المستقبل مجازي، وإنما الخلاف فی الذات التی انقضی عنها التلبّس بالمبدء.
قول المحقّق الطّهرانی بأن البحث عقلی … ص: 334
وخالف الشیخ هادي الطهرانی فی (محجۀ العلماء) فقال: بأن هذا البحث عقلیّ ولیس لغویّاً، لاتّفاق الأخ ّ ص ی والأعمّی فی مفهوم
المشتق، وإنما الإختلاف فی کیفیۀ الحمل، فالأخ ّ ص ی یراه من قبیل حمل هو هو، والأعمّی یراه من قبیل حمل ذو هو، الذي یکفی فی
صحّته وقوع التلبّس بالمبدء بنحو الموجبۀ الجزئیّۀ.
مناقشۀ الاستاذ … ص: 334
مثلًا- عبارة عن خصوص الحصّۀ المتلبّسۀ بالفعل - « فاعلٌ » لکنّ البحث عند الاصولیین- کما أشرنا- إنما هو فی أنّ الموضوع له هیئۀ
بالمبدء، أو أن الموضوع له هو الجامع بین المتلبّس ومن انقضی عنه التلبّس … وهذا بحثٌ لغوي.
أن کلامه یخالف اصطلاح المناطقۀ کذلک، فإنّ الحمل الهو هو عندهم لا «1» هذا، ویرد علیه- کما ذکر المحقق الإصفهانی أیضاً
ونحوه من قبیل الهو هو، بلا فرق. « الجدار أبیض » بل الحمل فی مثل ،« الجدار جسم » : یختص بالجوامد مثل
ثم إن الخلاف بین الأخ ّ ص ی والأعمّی کبروي ولیس بصغروي، یقول الأخ ّ ص ی: بأنّ صحّۀ إطلاق المشتق تدور مدار اتّصاف الذات
وتلبّسها بالمبدء فی ظرف الإطلاق، بخلاف الأعمّی القائل بعدم لزوم ذلک، وأنه یکفی فی
__________________________________________________
170 ط مؤسّسۀ آل البیت علیهم السلام. / 1) نهایۀ الدرایۀ 1 )
ص: 335
صدق المشتق حقیقۀ تلبّسُ الذات بالمبدء فی وقتٍ من الأوقات، وإنْ کان منتفیاً عند الإطلاق.
تجویز المحقق البروجردي کون البحث صغرویّا … ص: 335
صفحۀ 166 من 205
ما حاصله: إن صدق أيّ عنوانٍ علی ذاتٍ من الذوات، متوقّف علی «1» وقد جوّز السید البروجردي أن یکون الخلاف صغرویّاً، فقال
وجود الملاك المصحّح للحمل، وهو کون الذات مصداقاً لذلک العنوان المحمول علیها، فلو فقد الملاك لزم صدق کلّ مفهومٍ علی
وإلّا فلِمَ لا یصدق هذا « الأبیض » مصداقاً لعنوان « الجدار » یعتبر کون « الجدار أبیض » : کلّ ذاتٍ، أو الترجیح بلا مرجّ ح، فقی قولنا
العنوان علی الجدار غیر الأبیض؟
وإلی هنا لا خلاف بین الطرفین، غیر أنّ القائل بأن المشتق أعمّ من المتلبّس فی الحال ومن انقضی عنه المبدء، یقول: بأنّه یکفی فی
مثلًا، بسبب صدوره عنها « الضرب » تحقّق المِصداقیّۀ- التی هی المصحّحۀ للحمل- تلک الحیثیّۀ الإعتباریۀ الحاصلۀ للذات الصادر عنها
علی تلک الذات، وإنْ لم یکن هناك اتّصاف بالضرب عند « من صدر عنه الضرب » فی وقتٍ من الأوقات، وهی حیثیّۀ باقیۀ، کعنوان
الإطلاق. ویقول القائل بوضع المشتق لخصوص المتلبّس: بأنّ المصحّح للحمل والملاك للمصداقیّۀ لیس إلّا الإتّصاف بالضاربیّۀ
الفعلیۀ حین الإطلاق، وأمّا وصف الذات بلحاظ اتّصافها سابقاً وحمل الضارب علیها فمجاز…
وعلیه، فیکون الخلاف صغرویّاً.
__________________________________________________
(1)
نهایۀ الاصول: 58 ط المصطفوي.
ص: 336
مناقشۀ الاستاذ … ص: 336
وتنظّر الاستاذ دام بقاه فی هذا الکلام: بأنّه ناشئ من الخلط بین الحمل الحقیقی الفلسفی والحمل الحقیقی العرفی، فما ذکره یتم بالنظر
الفلسفی، لأنّهم یقولون بمجازیّۀ: الجدار أبیض، لأن الحمل الحقیقی عندهم هو:
البیاض أبیض، لکنّ البحث فی المشتق یدور مدار النظر العرفی وقولنا:
الجدار أبیض، حقیقۀ عرفیّۀ بلا ریب.
وأمّا لزوم الترجیح بلا مرجّح، أو حمل کلّ شیء علی کلّ شیء، ففیه:
إنه إنما یلزم ذلک لو لم یکن التلبّس بالمبدء فی وقتٍ من الأوقات کافیاً للحمل وتحقّق المصداقیّۀ، والحال أنّ هناك فرقاً بین من
اتّصف به کذلک وبین من لم یتّصف أصلًا، فلا ترجیح بلا مرجّح.
وأمّا قوله بضرورة وجود العنوان الإنتزاعی بناءً علی القول بالأعم، ففیه:
أوّلًا: إن اتّصاف الذات بالمبدء وتلبّسها به فی وقتٍ من الأوقات، لیس عنواناً انتزاعیّاً، بل هو عنوان واقعی، فقد صدر منه الضرب مثلًا
سابقاً حقیقۀً، ولیس فی البین اعتبار من أحدٍ- لیدور الإتّصاف به مداره- أصلًا.
ولیس مفهومها هو الإتصاف « إیستاده » فی الفارسیّۀ ترادف « القائم » وثانیاً: إن الملاك فی الصّدق هو الصدق العرفی کما تقدّم، ولفظۀ
بالقیام فی وقتٍ من الأوقات.
وتلخّص:
-1 إنّ البحث لغوي، ولیس بعقلی.
-2 إنّ البحث کبروي، ولیس بصغروي.
ص: 337
صفحۀ 167 من 205
المقدّمۀ الثانیۀ (فی تحریر محلّ النزاع …) ص: 337
اشارة
تارة: یکون لمجموع الهیئۀ والمادّة- من الألفاظ- وضع واحد.
واخري: یکون لکلٍّ من الهیئۀ والمادّة وضع مستقل.
فما یکون من القسم الأوّل، یسمّی بالجامد، والوضع فیه شخصی.
وما یکون من القسم الثانی، یسمّی بالمشتق، والوضع فی طرف الهیئۀ نوعی، وفی المادّة قولان.
وکلّ من القسمین ینقسم إلی قسمین، فالمشتق ینقسم إلی:
-1 قسم قابلٍ للحمل علی الذات والإتحاد معها، کاسم الفاعل واسم المفعول.
-2 قسم لا یقبل ذلک، کالأفعال والمصادر وأسماء المصادر.
ولا خلاف بینهم فی أنّ مورد البحث هو القسم الأوّل، أمّا الثانی فخارج، فیکون موضوع البحث فی المشتق أخص من العنوان.
اختصاص البحث باسم الفاعل وما یشبهه فقط، فلا یعمّ کلّ ما هو قابل للحمل، کأسماء «1» ( إلّاأنّ الظاهر من کلام صاحب (الفصول
مثلًا یصدق حتی مع عدم تحقّق الفتح بالفعل، فالموضوع له فیه أعمّ من المتلبّس وما انقضی عنه التلبّس. إلّاأن « المفتاح » الآلات، لأن
الحق- وفاقاً لصاحب (الکفایۀ) وغیره- عموم البحث لمثله، لوقوع النزاع فیه، غیر أن مبادئ المشتقات تختلف، فقد یکون فعلًا، وقد
یکون حرفۀً، وقد یکون ملکۀً، وقد یکون شأنیّۀً، ویختلف التلبّس والإنقضاء فیها بحسب اختلاف المبدء.
فإن کان المبدء هو الحدث، فالتلبّس یکون تلبّس الفعلیّۀ وانقضاؤه بانقضائها، وإنْ کان حرفۀً أو ملکۀ فلیس المبدء هو الفعلیّۀ، فلذا
یصدق
__________________________________________________
. 1) الفصول الغرویۀ: 60 )
ص: 338
علی صاحب تلک الملکۀ، وهکذا… « المجتهد » علی صاحب هذه الحرفۀ وإنْ کان نائماً مثلًا، وکذا یصدق عنوان « البقّال » عنوان
والجامد ینقسم إلی:
-1 ما ینتزع من مقام الذّات والذاتیّات.
-2 ما ینتزع من امورٍ لاحقۀٍ متأخّرةٍ عن الذات، وهذا ینقسم إلی قسمین:
أ- الامور المنتزعۀ المتأخّرة عن الذات واقعاً، کالأعراض، مثل الفوقیّۀ والتحتیّۀ.
ب- الامور المنتزعۀ المتأخّرة عن الذات اعتباراً، کالزوجیّۀ والحریّۀ والرقیّۀ…
بعد أنْ « الإنسان » إذْ لا معنی لأنْ یبحث عن صدق - «1» واتّفقوا علی خروج القسم الأوّل- وأنّ محل البحث هو القسم الثانی بقسمیه
صار تراباً،
__________________________________________________
عبارة عن الأعراض المتأصّ لۀ التییوجد بأزائها شیء فی الخارج، مثل « العرض » 1) ومراد صاحب (الکفایۀ)- فی کلامه ص 40 - من )
لیس الامور الاعتباریۀ فقط، بل کلّ ما لا یوجد فی الخارج بأزائه شیء، أعم من أنْ « العرضی » البیاض والسواد وغیرهما، ومراده من
یکون واقعیاً کالفوقیّۀ والتحتیّۀ أو اعتباریّاً کالملکیّۀ والزوجیّۀ.
فمراده ماذکرناه- وهو مقتضی التأمّل فی کلامه حیث مثّل بالزوجیۀ والرقیّۀ وقال فی آخره: من الإعتبارات والاضافات، لا ما ذکره
صفحۀ 168 من 205
بعض المحشّین علی (الکفایۀ) کالمشکینی والسید الحکیم من أن مراده من العرض هو الأمر الواقعی، ومن العرضی الأمر الاعتباري.
ولا یتوهّم: أنه بناءً علی کون مقولۀ الاضافۀ من الاعتباریات کما هو مسلک بعضهم، فما ذکراه فی معنی العبارة صحیح، وذلک، لأن
صاحب (الکفایۀ) جعل الإضافات مقابلۀً للاعتباریات، فأفاد أن الاضافات غیر داخلۀ عنده فی الاعتبارات.
وعلی الجملۀ، فمراده من العرض کلّ مبدء له ما بأزاء خارجاً، ومن العرضی مالیس له ذلک، سواء کان اعتباریاً کالزوجیۀ والملکیۀ أو
غیر اعتباري کالفوقیۀ والتحتیّۀ.
ولا یخفی: أنّ هذا إصطلاح من المحقق الخراسانی فی العرض والعرضی، غیر اصطلاح المناطقۀ حیث المراد من العرض عندهم هو
المبدء ومن العرضی هو المشتق.
ص: 339
لوضوح أنّ البحث إنّما هو عن الهیئۀ، من جهۀ أنها موضوعۀ لخصوص الذات المتلبّسۀ أو للأعم منها ومن التی انقضی عنها التلبّس،
ونحوهما، وأمّا فی المثال المذکور ونحوه من العناوین الذاتیّۀ، فلیس وراء الإنسانیۀ أو الکلبیّۀ شیء « القائم » و « العالم » کما فی مثل
.«1» حتی یبحث عنها، نعم، تبقی الهیولی، ولیست بذاتٍ … فالذّات قد زالت، وما بقی شیء لکی یبحث عن التلبّس والإنقضاء فیه
فموضوع البحث کلّ لفظٍ توفّر فیه أمران:
-1 القابلیّۀ للحمل علی الذات.
.«2» -2 الواجدیّۀ للتلبّس والإنقضاء
فلا کلّ مشتق بداخلٍ فی البحث، ولا کلّ جامدٍ بخارج عن البحث.
هذا تحریر محلّ النّزاع.
__________________________________________________
1) فما فی کلام البعض من أنّ هذا البحث لغويّ، ولا مجال فیه لمثل هذا الإستدلال العقلی، وأن من الجائز طرح البحث فی موردٍ )
لیس التبدّل فیه من قبیل تبدّل الذات، کالخمر إذا انقلب خلّاً، بأن یبحث هل هذا خمر أو لا؟ غیر وارد.
لأنّ البحث وإنْ کان لغویّاً، إلّاأنه یدور حول المفهوم الموضوع له اللّفظ، ومن حیث أنه هو الحصّۀ الخاصّۀ من الذات أو مطلق الذات،
فالمورد الذي لا توجد الذات خارج عن البحث موضوعاً، سواء کانت حقیقۀ الشیء بصورته أو بمادّته.
وأمّا الجواب عن النقض بمثل الخلّ والخمر، فإنهما وإنْ کان شیئاً واحداً عقلًا، إلّاأن الخمر والخلّ من الحیثیۀ النوعیّۀ أمران متغایران.
و « فاعل » 2) بالنظر إلی الهیئۀ لا المادّة، بأنْ تکون الهیئۀ قابلۀً لأن یبحث عن أنها موضوعۀ لخصوص المتلبّس أو للأعم، کهیئۀ )
حیث المادة هنا نفس الذات، فلا یخرج مثله عن النزاع، « الناطق » وإنْ کانت الهیئۀ فی مادّةٍ لیس لها انقضاء مثل « مفعَل » و « مفعول »
خلافاً لصاحب الفصول. وعلی الجملۀ، فمورد البحث هو الهیئۀ مطلقاً، سواء کانت ،« مفعل » خلافاً للمحقق النائینی، کما لم یخرج هیئۀ
.« الناطق » أو من قبیل « القائم » المادّة المشتملۀ علیها من قبیل
ص: 340
مطالب متعلّقۀ بتحریر محلّ النزاع … ص: 340
اشارة
وهنا مطالب متعلّقۀ بتحریر محلّ النزاع:
صفحۀ 169 من 205
-1 الفرع الفقهی الذي استشد به صاحب الکفایۀ لعموم البحث … ص: 340
اشارة
ثم إن صاحب (الکفایۀ) استشهد لعموم بحث المشتق بالنسبۀ إلی بعض الجوامد، وتأکیداً لسقوط القول بعدم دخول الجوامد مطلقاً،
فی شرح أحد فروع الرّضاع، وهو ما لو کان لرجلٍ زوجتان کبیرتان واخري صغیرة «1» ( بکلام فخر المحققین فی (إیضاح الفوائد
ترضع، فأرضعتها إحدي الکبیرتین الرضاع الکامل، فقال الأصحاب بحرمۀ الکبیرة والصغیرة کلتیهما علی الزوج، لأنّ الصغیرة حینئذٍ
ابنته من الرّضاع، وإنه یحرم من الرّضاع ما یحرم من النسب، والکبیرة امّ زوجته، أو تحرم الصغیرة لکونها ربیبته.
ثم لو أرضعت الکبیرة الاخري بعد ذلک هذه الصغیرة، بنی القول بحرمۀ الکبیرة الثانیۀ علی الزوج علی المختار فی مسألۀ المشتق، فإن
کان حقیقۀً فی خصوص المتلبّس، لم تحرم بسبب الرّضاع، لأنها قد أرضعت من کانت زوجۀً للرجل، وهی حین الرضاع ابنته أو
ربیبته، وإنْ کان حقیقۀً فی الأعمّ من المتلبّس ومن انقضی عنه التلبّس، حرمت، لأنّها أصبحت امّ الزوجۀ، کما کانت الکبیرة الاولی.
__________________________________________________
(1)
.52 / إیضاح الفوائد فی شرح القواعد 3
ص: 341
من الجوامد. « الزوجیّۀ » فهذه المسألۀ احدي الثمرات الفقهیۀ للنزاع، وقد ظهر جریانه فی مثل
وتفصیل الکلام فی هذه المسألۀ هو:
إن الأصل فی المسألۀ هو الشیخ فی (المبسوط) و (النهایۀ)، وقد اختلفت فتیاه فی الکتابین، وتبعه علی کلٍّ منهما طائفۀ من الفقهاء،
وهی احدي الفروع الأربعۀ التی ذکرها:
-1 لو کانت له زوجۀ کبیرة واخري صغیرة.
-2 لو کانت له زوجتان کبیرتان وصغیرة.
-3 لو کانت له زوجۀ کبیرة مع زوجتین صغیرتین.
-4 لو کانت له زوجتان کبیرتان مع زوجتین صغیرتین.
ثم إنّ اللبن تارةً یکون لبن الفحل وهو الزوج، وأخري لبن غیره.
.«1» وأیضاً: تارةً یکون الرضاع مع الدخول بالکبیرة، واخري مع عدم الدخول بها
أدلّۀ القولین … ص: 341
قال العلّامۀ وجماعۀ بحرمۀ الکبیرة الثانیۀ، لأن المشتق حقیقۀ فی الأعمّ، وقال آخرون بعدم الحرمۀ، لکون المشتق حقیقۀ فی خصوص
المتلبّس، وقد ادّعی الإجماع علی حرمۀ الاولی، ولا خلاف فی ذلک إلّامن بعض متأخّري المتأخّرین.
وقد استدلّ للقول بعدم الحرمۀ بروایۀ علی بن مهزیار، وهی نصٌّ فی ذلک.
__________________________________________________
غلط من النسّاخ، والصحیح: مع الدخول بإحدي الکبیرتین. « مع الدخول بالکبیرتین » :( 1) وما فی نسخ (الکفایۀ )
ص: 342
صفحۀ 170 من 205
وأجاب الفخر والمحقق الثانی وغیرهما عنها بضعف السند.
وهذه هی الروایۀ: محمد بن یعقوب، عن علی بن محمد، عن صالح بن أبی حماد، عن علی بن مهزیار، عن أبی جعفر علیه السلام قال:
قیل له: إن رجلًا تزوّج بجاریۀٍ صغیرة فأرضعتها امرأته، ثم أرضعتها امرأة له اخري. فقال ابن شبرمۀ: حرمت علیه الجاریۀ وامرأتاه، فقال
« أخطأ ابن شبرمۀ، تحرم علیه الجاریۀ وامرأته التی أرضعتها، فأما الأخیرة فلم تحرم علیه، کأنها أرضعت ابنته » : أبو جعفر علیه السلام
.«1»
التحقیق فی سند روایۀ ابن مهزیار … ص: 342
وقد اورد علی سند هذه الروایۀ بوجهین:
الأول: الإرسال. فذکر لإثبات إرسالها وجوه:
متی أُطلق- هو الإمام الباقر علیه السلام، وابن مهزیار من أصحاب الرضا والجواد علیهما السلام، ولو - « أبی جعفر » -1 إن المراد ب
.« الثانی » کان المراد هو الإمام الجواد لقیَّد ب
-2 إن ذکر ابن شبرمۀ فی الروایۀ قرینۀ علی أن المراد من أبی جعفر فیها هو الباقر علیه السلام، لأن ابن شبرمۀ کان معاصراً له لا للإمام
الجواد، فتکون الروایۀ مرسلۀ، لسقوط الواسطۀ المجهول حالها بینه وبین الإمام علیه السلام.
« رواه عن أبی جعفر » -3 لو کان المراد هو الإمام الجواد علیه السلام- لأنه من أصحابه- لما جاءت الروایۀ- کما فی (الکافی)- بلفظ
الظاهر فی النقل مع الواسطۀ، وإلّا فلا حاجۀ إلی هذا اللّفظ، کما هو الحال فی سائر
__________________________________________________
305 . الباب 14 من أبواب ما یحرم بالرّضاع. : 1) وسائل الشیعۀ 14 )
ص: 343
الروایات المسندة.
ظاهرة فی عدم سماع ابن مهزیار من الإمام علیه السلام، وإلّا لقال: عن أبی جعفر. « قیل له » -4 کلمۀ
ویمکن الذبّ عن الروایۀ بالجواب عن کلّ ذلک:
متی کان المقصود من أبی جعفر هو الإمام الجواد علیه السلام، إنما جاء فی الأعصار المتأخّرة، « الثانی » أمّا عن الأول، فإنّ التقیید ب
أمّا لزوم ذلک علی الرّواة أنفسهم، فلا دلیل علیه.
وأما عن الثانی- وهو أتقن الوجوه- فإن ابن شبرمۀ، المتوفّی سنۀ 144 ، وإنْ کان معاصراً لل ّ ص ادقین علیهما السلام، إلّاأنه کان من
القضاة الکبار، وله تلامذة، فما المانع من أنْ یقال فی مجلس الإمام الجواد علیه السلام: قال ابن شبرمۀ کذا ؟ … لقد ظنّ الشهید الثانی
قدّس سرّه ومن تبعه أن هذه الکلمۀ تعنی حضور ابن شبرمۀ فی المجلس وتکلّمه عند الإمام … بل الظاهر: وقوع القضیّۀ فی زمن ابن
شبرمۀ، ثمّ السؤال عنها وعن رأیه فیها من الإمام الجواد علیه السلام الذي قال فی الجواب: أخطأ ابن شبرمۀ…
فی النقل مع الواسطۀ أوّل الکلام، أمّا لغۀً فواضح، وأمّا « روي » وأمّا عن الثالث- وهو الذي اعتمده فی (المحاضرات)- فإن ظهور
فی مورد النقل بلا واسطۀ، لا یکفی لأنْ یحمل ذلکعلی النقل مع الواسطۀ … هذا أوّلًا. « روي فلانٌ » اصطلاحاً، فإنّ عدم قولهم
إلّا أنْ یدّعی التعارض بین النقلین، فیکون المقدَّم لفظ الکافی، « عن أبی جعفر » وثانیاً: هذه الروایۀ فی نقل صاحب (الوسائل) بلفظ
لأصالۀ عدم الزیادة.
ص: 344
فأمّا الذي رواه علی بن الحسن، » : قال رحمه اللَّه «… روي » وثالثاً: قد وجدنا فی أخبار الشیخ طاب ثراه أنّه قد یروي الخبر المسند بلفظ
صفحۀ 171 من 205
ثم إنّه قد أورد نفس «1 …» « عن محمد بن الحسن، عن محمد بن أبی عمیر، عن بعض أصحابنا، رواه عن أبی عبداللَّه علیه السلام
.«2 …» « علی، عن أبیه، عن ابن أبی عمیر عن بعض أصحابنا، عن أبی عبد اللَّه علیه السلام » : فقال « رواه » هذا السند بلا کلمۀ
لا تنافی الاتّصال. « رواه » وتلخّص: إن کلمۀ
وأما عن الرابع، فالجواب واضح، بأنْ یکون ابن مهزیار حاضراً، وقد سأل أحد الحضور الإمام علیه السلام عن المسألۀ، ونظائره کثیرة
جدّاً.
فقد قال النجاشی: یعرف وینکر، وعن ابن الغضائري: ضعیف، وتوقّف فیه العلّامۀ. ،« صالح بن أبی حمّاد » الثانی: الضعف ب
وقد ذکرت وجوه للاعتماد علیه:
-1 روایۀ أجلّاء الأصحاب عنه.
-2 عدم استثناء ابن الولید وال ّ ص دوق له من مشایخ محمد بن أحمد بن یحیی، فقد روي الصّدوق عن محمد بن أحمد بن یحیی عن
صالح بن أبی حمّاد، فی کتاب (عیون أخبار الرضا)، فهو مقبول لدي ابن الولید والصدوق تبعاً له. وقد اعتمد الوحید البهبهانی هذا
الوجه.
-3 إنه من رجال تفسیر القمّی.
4 -
ی
ف
ی
ش
ک
ل
ا
ن
ع
ی
ل
ع
ن
ب
د
م
ح
م
ن
ب
ۀ
ب
ی
ت
ق
:
ن
أ
ل
ض
ف
ل
ا
ن
ب
ن
ا
ذ
ا
ش
ن
ا
ک
__________________________________________________
. 316 ، الباب 27 ، رقم: 14 / 1) تهذیب الأخبار 7 )
. 336 ، الباب 30 ، رقم: 7 / 2) تهذیب الأخبار 7 )
ص: 345
.«1» یرتضیه ویمدحه
قال شیخنا: وأقواها هو الوجه الرّابع، لکنّ الإعتماد علیه مشکل:
أمّا من جهۀ السند، ففیه: علی بن محمد بن قتیبۀ، ولم یرد فی حقّه توثیق … إلّاأن یدفع ذلک باعتماد الکشی علیه وکثرة النقل عنه،
فی رجلٍ: إنه وإنْ لم یرد فیه توثیق، فإن نقل الکشی عنه یفید الإعتماد علیه. «2» ( وقد قال الشهید فی (الذکري
وأمّا من جهۀ المدلول، فإنّ ارتضاء الفضل له إنْ کان ارتضاءً لِما ینقل ویرویه، کان دلیلًا علی وثاقته عندنا، لا علی مجرَّد الحسن،
خلافاً لعلماء الرجال، لکنّ من المحتمل أن یکون ارتضاءً منه لعقائده، بأنْ یراه مستقیم العقیدة، أو یکون ارتضاءً منه لعقله، فی قِبال
عدم ارتضائه لأبی سعید سهل ابن زیاد الآدمی لکونه أحمق کما قال، وإذا جاء الإحتمال وقع الإجمال وبطل الإستدلال.
هو القول بعدم الحرمۀ، وعلیه الکلینی والإسکافی والشیخ، ولاخلاف من «3» ( وبعد، فإنّ المشهور بین الأصحاب- کما فی (الریاض
فالشّهرة مطابقۀ للروایۀ، لکنّ دعوي انجبار ضعفها ،«4» « القیل » المتقدمین إلّا من ابن إدریس، بل فی (الشرائع) نسبۀ القول بالحرمۀ إلی
بعمل المشهور مردودة من جهۀ الکبري والصغري.
__________________________________________________
1) رجال الکشی: 473 ط الأعلمی. )
وهو: الحکم بن مسکین ،« الحکم ذکره الکشی ولم یعرض لهبذم » : 108 ط مؤسّسۀ آل البیت علیهم السلام / 2) قال فی الذکري 4 )
.758 / وانظر: اختیار معرفۀ الرجال، بتعالیق السید الداماد 2
92 ط القدیمۀ. / 3) ریاض المسائل 2 )
286 ط البقّال. / 4) شرائع الاسلام 2 )
صفحۀ 172 من 205
ص: 346
هذا تمام الکلام فی الإستدلال بالخبر للقول بعدم الحرمۀ فی الکبیرة الثانیۀ.
ویبقی الإستدلال بمقتضی القاعدة من کلا الطّرفین.
الکلام فی حکم الکبیرة الأولی … ص: 346
اشارة
وغیره بهذا «1» وقد تقدّم أنّ ظاهر الأصحاب هو التسالم علی حرمتها، بل هو صریح الفخر رحمه اللَّه، وقد أذعن صاحب الجواهر
الإجماع، ولم ینقل الخلاف إلّاعن ابن إدریس.
وقد تنظّر الاستاذ دام بقاه فی ذلک لوجود شبهۀ انقضاء المبدء فیها، کالکبیرة الثانیۀ بلا فرق، ثم أوضح ذلک بالتحقیق فی مدارك
هذه الفتوي بأنّه:
-1 روایۀ ابن مهزیار … ص: 346
إن کان الدلیل هو روایۀ علی بن مهزیار المتقدّمۀ سابقاً، فقد عرفت حالها سنداً.
ص: 346 «… أُمَّهَاتُ نِسَآئِکُمْ » -2 صدق
اشارة
«2» « حُرِّمَتْ عَلَیْکُمْ … أُمَّهَاتُ نِسَآئِکُمْ » وإنْ کان دعوي صدق قوله تعالی
متضایفتان، والمتضائفان متکافئان قوّةً وفعلًا. ولا ریب أیضاً فی أنّ « البنتیّۀ » و « الامیّۀ » علیها، فهو أوّل الکلام، وذلک لعدم الریب فی أنّ
للکبیرة، تحقّقت « الأُمیّۀ » متضادّتان، وبالنظر إلی هاتین المقدّمتین: إنه إذا استکملت شرائط الرّضاع وتحقّقت « الزوجیّۀ » و « البنتیّۀ »
« امّاً » بملاك التضاد، فتکون هذه المرأة « الزوجیّۀ » للصغیرة بملاك التضایف، وحینئذٍ ترتفع « البنتیّۀ »
__________________________________________________
.331 / 1) جواهر الکلام 29 )
. 2) سورة النساء: 23 )
ص: 347
فإنْ قلنا: بأن المشتق حقیقۀ فی الأعم تمّ الإستدلال بالآیۀ، لعدم الشک فی ال ّ ص دق، وإنْ قلنا: بأنّه حقیقۀ فی ،« زوجۀ » لمن کانت
خصوص المتلبّس ومجازٌ فی من انقضی عنه، فإنّ أصالۀ الحقیقۀ تقتضی عدم الحرمۀ، لانقضاء المبدء.
فلا فرق بین الکبیرتین، إلّامن جهۀ طول الفاصل الزمانی وقصره، ففی الکبیرة الثانیۀ خرجت الصغیرة عن الزوجیّۀ من زمانٍ سابق، أمّا
فی الاولی فبعد زمنٍ قصیر.
وجوه التخلّص من الإشکال … ص: 347
اشارة
وقد ذکرت وجوه للتخلّص من هذا الإشکال، وتوجیه قول الأصحاب بحرمۀ الاولی علی القاعدة:
صفحۀ 173 من 205
الوجه الأول … ص: 347
الرجل، من الناحیۀ العقلیّۀ، للبرهان المتقدم، إلّاأنه یصدق علیها العنوان المذکور عرفاً، « امّ زوجۀ » إنه وإنْ لم تکن الکبیرة الاولی
والمناط فی الأحکام الشرعیّۀ هو الصّدق العرفی.
ذکره جماعۀ، منهم صاحب (الجواهر)، ونقله المحقق الخراسانی صاحب (الکفایۀ) فی رسالته (فی الرضاع)، ثم أمر بالتأمّل.
قال الاستاذ: وجه التأمّل هو عدم وضوح کون هذا ال ّ ص دق العرفی حقیقۀً عرفیّۀ، فلعلّهم یطلقون علیها العنوان المذکور من باب
المسامحۀ، فیکون مجازاً، ومجرَّد هذا الشک کاف.
الوجه الثانی … ص: 347
اشارة
إنه لا ریب فی أنّ الأُمومۀ والبنتیّۀ مزیلۀ للزوجیّۀ، فزوال الزوجیّۀ معلول
ص: 348
لوصفی الأُمومۀ والبنتیّۀ، وکلّ معلولٍ متأخر رتبۀً عن العلّۀ، فلابدَّ وأنْ یفرض وصف الزوجیّۀ مع الوصفین فی رتبۀٍ واحدة حتی یمکن
عروض الإزالۀ مستنداً إلی وصف البنتیّۀ علی الزوجیّۀ، فالزوجیّۀ مع الأُمومۀ والبنتیّۀ مفروضۀ کلّها فی مرتبۀٍ واحدة، وعلیه، فإنه تتّصف
الام المرضعۀ فی هذه المرتبۀ بامّ الزوجۀ، فالنزاع یختص بالزوجۀ الثانیۀ دون الاولی.
.«1» قاله السید البروجردي طاب ثراه
وقال شیخنا: هذا خیر ما قیل فی المقام، وحاصله: إن الکبیرة الاولی امّ الزوجۀ حقیقۀً، ومتلبّسۀ بالمبدء، غایۀ الأمر أن اجتماع الامیّۀ مع
الزوجیّۀ کان فی الرتبۀ لا فی الزمان.
مناقشۀ المحاضرات … ص: 348
ارتفاع » و « البنتیّۀ » بأنّ الاتحاد الرّتبی بین الشیئین أو اختلافهما فی المرتبۀ لا یکون بلا ملاك، أمّا بین «2» ( وناقشه فی (المحاضرات
ومن المعلوم تقدّم العلّۀ علی المعلول، فلا إشکال فی « الزوجیّۀ » علّۀ زوال « البنتیّۀ » فالملاك للتقدّم والتأخّر الرتبی موجود، لأن « الزوجیّۀ
و « الأُمیّۀ » فلا ملاك له، لعدم العلیّۀ، فلا یتم القول بکون « عدم الزوجیّۀ » علی « الأُمیّۀ » تقدم البنتیّۀ علی عدم الزوجیّۀ، أمّا تقدّم
فی مرتبۀٍ واحدة. « الزوجیّۀ »
وهذا نظیر: أنّ وجود العلّۀ متقدّم فی الرتبۀ علی وجود المعلول، ووجود العلّۀ وعدم وجودها فی مرتبۀٍ واحدة، لکنّ عدم العلّۀ غیر
متقدّم فی المرتبۀ علی وجود المعلول، إذ التقدّم موقوف علی الملاك، ولیس لعدم العلّۀ ربط بوجود المعلول.
__________________________________________________
. 1) الحجۀ فی الفقه: 80 )
.235 / 2) محاضرات فی اصول الفقه 1 )
ص: 349
نقد المناقشۀ … ص: 349
صفحۀ 174 من 205
وأورد علیه شیخنا دام بقاه: بأنّه لا خلاف فی أنّ الإختلاف فی المرتبۀ یحتاج إلی ملاك، وهل الإتّحاد فیها أیضاً کذلک أو لا؟ قال
المحقق الإصفهانی فی (نهایۀ الدرایۀ) و (الاصول علی النهج الحدیث) بالأوّل، وقال السیّد الخوئی فی حاشیۀ (أجود التقریرات)
بالثانی، وعلی هذا المبنی نقول: إذا کان عدم الملاك الموجب للإختلاف فی الرتبۀ- کأنْ لا تکون بین الشیئین نسبۀ العلیّۀ والمعلولیّۀ،
« الامومۀ » ولا یکون أحدهما موضوعاً والآخر محمولًا له کافیاً للإتحاد الرتبی بینهما، لم یکن وجه لإشکاله علی التقریب المذکور، لأنّ
لمّا لم یکن ملاك الإختلاف الرتبی بینهما، لعدم کون أحداهما علّۀ ولا موضوعاً للاخري، فهما فی مرتبۀٍ واحدة، وحینئذٍ « الزوجیّۀ » و
إنْ دلّ دلیل، لأنّ المفروض کونهما فی مرتبۀٍ « الامومۀ » مع بقاء « الزوجیّۀ » أمکن اجتماعهما إنْ دلّ دلیلٌ علی ذلک، وأمکن ارتفاع
انطبق دلیل الحرمۀ بلا إشکال. « الزوجیّۀ » و « الامیّۀ » واحدة، وإذا تحقّقت
فما ذکر فی (المحاضرات) ردّاً علی الإستدلال غیر تام.
الحق فی الجواب … ص: 350
ضدّان، ولا « الزوجیّۀ » و « البنتیّۀ » وهذا باطل، لأن « الزوجیّۀ » علّۀ لعدم « البنتیّۀ » بل الحق فی الجواب عن الإستدلال: أنه مبنیّ علی أنّ
تعقل العلیّۀ والمعلولیّۀ بین الضدّین، ولا یمکن أنْ یکون أحدهما علّۀ لارتفاع الآخر، بل العلّۀ هنا هی الرّضاع، والبنتیّۀ وارتفاع الزوجیّۀ
کلاهما معلولان للرّضاع، فهو العلّۀ لصیرورة الصغیرة بنتاً للرجل، ولارتفاع الزوجیّۀ بینه وبین المرضعۀ لها … فما أسّس علیه الإستدلال
باطل، وبذلک یبطل البناء.
ص: 350
وهذا الإیراد یتوجّه علی (المحاضرات) أیضاً، لأنَّ ظاهره التسلیم بهذه العلیّۀ والمعلولیّۀ.
الوجه الثالث … ص: 350
بالفعل ظهوراً إطلاقیّاً لا وضعیّاً، لأن الدّلالۀ علی الفعلیّۀ إنما جاءت من ناحیۀ « امّ الزوجۀ » ظاهر فی « أُمَّهَاتُ نِسَآئِکُمْ » : إن قوله تعالی
الإضافۀ، وهی لیس موضوعۀً للتلبّس الفعلی، فعند الإطلاق وعدم القرینۀ یحمل الکلام علی الفعلیّۀ.
وَرَبَائِبُکُمُ اللَّاتِی فِی » ورد فی سیاق قوله « أُمَّهَاتُ نِسَآئِکُمْ » : إلّاأن المراد هنا هو الأعمّ من الفعلی قطعاً، لقرینۀ السیاق، فإنّ قوله تعالی
هنا هو الأعمّ من بنت الزوجۀ الفعلیّۀ المدخول بها، والتی انسلخت عنها الزوجیّۀ، « الربیبۀ » ومن المسلّم به أن المراد من « حُجُورِکُم
فتندرج الکبیرة تحت هذا العنوان، فتحرم علی الزوج. « أُمَّهَاتُ نِسَآئِکُمْ » ومقتضی وحدة السّیاق إرادة الأعمّ فی طرف
أقول:
هنا بحثان، أحدهما صغروي والآخر کبروي.
أمّا البحث الصغروي، فقد زعم بعضهم عدم وجود السیاق هنا، بدلیل أنّ حرمۀ الربیبۀ إنّما ثبتت بدلیلٍ خارج.
قال شیخنا: وفیه: أنه قد ورد فی الصحیح أن الإمام علیه السلام قد أخذ بعموم الآیۀ المبارکۀ، وبذلک تتحقّق وحدة السیاق، فعن
سألت أحدهما علیهما السلام عن رجلٍ کانت له جاریۀ فأُعتقت، فتزوّجت، فولدت، أیصلح لمولاها الأوّل أن » : محمد بن مسلم قال
یتزوّج ابنتها؟ قال: لا، هی
ص: 351
حرام، وهی ابنته، والحرّة والمملوکۀ فی هذا سواء.
ثم قرأ هذه الآیۀ: » : …وعن صفوان، عن العلاء بن رزین، مثله وزاد
.«1 «…» « وَرَبَائِبُکُمُ اللَّاتِی فِی حُجُورِکُم »
صفحۀ 175 من 205
هذا المعنی الوسیع، « الربائب » فقد قرأ علیه السلام الآیۀ للدّلالۀ علی أن هذه البنت ربیبۀ للرجل، وهی حرام، وإذا کان المراد من
.« امّهات النساء » فکذلک فی
فما ذکره فی (المحاضرات) لا یمکن المساعدة علیه.
وأما البحث الکبروي، وهو فی حدّ تأثیر وحدة السیاق، وقد اختلفت الأنظار فی ذلک، فقیل: إن أصالۀ الظّهور محکّمۀ فی کلّ جملۀٍ
من الکلام بالإستقلال، ولا تأثیر لوحدة السیاق، فقیام القرینۀ فی جملۀٍ علی کون المراد فیها هو العموم لا یؤثر فی مدلول الجملۀ
الاخري. وقیل: بأنّ وحدة السیاق من جملۀ القرائن الموجبۀ لحمل اللَّفظ علی غیر معناه الظاهر فیه. وقیل:
بالتفصیل بین الظهور الإطلاقی والظهور الوضعی.
واختار شیخنا دام ظلّه القول الأوّل، اللّهم إلّاإذا کان ظهور اللّفظ فی معناه ظهوراً، إطلاقیّاً، فلکونه أضعف من الظهور الوضعی یسقط
بمجرّد احتفافه بما یحتمل القرینیّۀ، والسیاق إن لم یکن قرینۀ فإنه یحتمل القرینیّۀ، فالقول الثالث- الذي هو مختار الأکثر- غیر بعید.
.« امّهات نسائکم » وإنّ مورد البحث من موارد الظهور الإطلاقی … وعلیه، یلزم الإجمال فی
__________________________________________________
. 458 ، الباب 18 من أبواب ما یحرم بالمصاهرة، رقم: 2 / 1) وسائل الشیعۀ 20 )
ص: 352
الوجه الرابع … ص: 352
فی توجیه فتوي الفخر بحرمۀ الثانیۀ، من أنه یکفی لترتب الحرمۀ التلبّس بعنوان امّ الزوجۀ موجبۀً جزئیۀ، «1» ما ذکره المحقق النائینی
ولا یشترط صیرورتها امّ الزوجۀ بالفعل، فیکون من قبیل ما نذکره فی معنی قوله تعالی:
«2» « لَا یَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِینَ »
من أنّ مجرَّد التلبّس بالظلم- ولو آناً مّا- مانع عن حصول الإمامۀ.
وهذا الوجه یجري فی الکبیرة الاولی أیضاً.
وأورد علیه شیخنا: بأن العناوین المأخوذة فی الأدلّۀ ظاهرة فی الفعلیّۀ، إلّا إذا دلّ الدلیل علی عدمها، کما هو الحال فی الآیۀ المذکورة،
وسیأتی توضیح ذلک.
الوجه الخامس … ص: 352
ماذکره المحقق النائینی فی توجیه فتوي الفخر أیضاً، من أنّه لو خرجت المرأة عن الزوجیّۀ للرجل ثمّ ولدت بنتاً من غیره، فلا ریب فی
حرمۀ البنت علی الزوج الأوّل، هذا فی البنت بالنسب، وکذلک الحکم فی البنت بالرضاع، فلو أرضعتها بعد خروجها عن الزوجیّۀ
کانت البنت محرَّمۀ علی الزوج، إذ یحرم من الرضاع ما یحرم من النسب، وکما أن البنت الرضاعیّۀ تحرم، فکذا امّ الزوجۀ الرضاعیّۀ
بعد زوال الزوجیّۀ، فإنّها تصیر امّاً وتحرم علی الرجل.
فأورد علیه شیخنا: بأنّ حرمۀ البنت إنما کان بدلیلٍ، کصحیحۀ محمد ابن مسلم المتقدّمۀ- فی الوجه الثالث- فإنّها نصّ فی الحکم
المذکور، مضافاً
__________________________________________________
.82 / 1) أجود التقریرات 1 )
. 2) سورة البقرة: 124 )
صفحۀ 176 من 205
ص: 353
.«1» إلی صحیحۀ البزنطی الدالّۀ علیه بالإطلاق
فیعود البحث والکلام فی صدق هذا العنوان علی المرأة التی انقضی « أُمَّهَاتُ نِسَآئِکُمْ » فالدلیل هو عنوان « امّ الزوجۀ » أما بالنسبۀ إلی
عنها التلبّس بالزّوجیّۀ … وهذا هو الفرق.
الوجه السادس … ص: 353
إن الدلیل علی حرمۀ الاولی هو النص والإجماع، واستدلال الفخر بالقاعدة فی المشتق یختص بالثّانیۀ.
ظاهرة ،«2» وأورد علیه شیخنا: بعدم النصّ علی حرمۀ الاولی، والروایات الواردة فی أنّ رجلًا تزوّج جاریۀً فأرضعتها امرأته فسد النکاح
فی فساد نکاح الصغیرة دون الکبیرة المرضعۀ، ومع التنزّل عن هذا، فإنّها تفید فساد النکاح وانفساخه، ومدّعی الفخر تبعاً لوالده هو
الحرمۀ الأبدیّۀ خاصۀً.
بقی الإستدلال بالجماع، وهو:
الوجه السابع … ص: 353
.« الظاهر الإتفاق علیه » بل « لا خلاف أجده » :«4» ( وفی (الجواهر «3» « لانزاع » فقد ادّعاه الفخر، وفی (جامع المقاصد) بکلمۀ
فالظاهر عدم الإشکال فی الصغري.
.« أُمَّهَاتُ نِسَآئِکُمْ » إلّاأنّ من المحتمل قویّاً استنادهم إلی الآیۀ المبارکۀ
هذا تمام الکلام فی الوجوه المستدل بها لحرمۀ الکبیرة الاولی، وقد
__________________________________________________
. 457 ، الباب 18 من أبواب ما یحرم بالمصاهرة، رقم: 1 / 1) وسائل الشیعۀ 20 )
399 ، الباب 10 من أبواب الرضاع. / 2) وسائل الشیعۀ 20 )
238 ط مؤسّسۀ آل البیت علیهم السلام. / 3) جامع المقاصد فی شرح القواعد 12 )
.329 / 4) جواهر الکلام 29 )
ص: 354
ظهر أن أقواها هو الأخیر، لکنّ شبهۀ الإستناد باقیۀ.
«1» « أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ » : قال الاستاذ: وحینئذٍ تصل النوبۀ إلی الإستدلال لعدم الحرمۀ بقوله تعالی
بالنسبۀ إلی المورد- وجوب الوفاء بالعقد علیها وبقاء زوجیّتها. « أُمَّهَاتُ نِسَآئِکُمْ » : فإن مقتضاه- بعد الإجمال فی قوله
فإنْ نوقش فی ذلک، فمقتضی الإستصحاب بقاء الزوجیّۀ، بناءً علی جریانه فی الشبهات الحکمیّۀ، إلّاأنه ینبغی ملاحظۀ النسبۀ بینه وبین
عمومات الإحتیاط فی الفروج، وبقیّۀ الکلام فی الفقه، واللَّه العالم.
-2 هل یجري النزاع فی اسم الزّمان …؟ ص: 354
اشارة
لیس لها « مفعل » ثم إنه- بالنظر إلی ما تقدّم فی تحریر محلّ النزاع- یقع الکلام فی دخول اسم الزّمان فی بحث المشتق، لأن هیئۀ
صفحۀ 177 من 205
فردان، أحدهما المتلبّس والآخر ما انقضی عنه التلبّس، بل هو بین المتلبّس وغیر المتلبّس أبداً، لکون الذات فیه- أعنی الزمان-
« الناصر » و « الضارب » متصرّمۀ لا بقاء لها، فأيّ فعلٍ وقع فی أيّ زمانٍ، فإن ذلک الزمان قد تلبّس بذلک الفعل وانصرم معه، بخلاف
وما شاکل ذلک.
فیکون اسم الزمان خارجاً عن البحث.
الوجوه المذکورة لإدخال اسم الزمان … ص: 354
اشارة
وقد حاول المحقّقون إدخال اسم الزمان فی محلّ النزاع، وهذه هی الوجوه التی ذکروها مع التأمّل والنظر فیها:
الوجه الأول … ص: 354
إن الهیئۀ فی اسم الزمان موضوعۀ لمفهومٍ عامٍ- بناءً علی أنّ الموضوع
__________________________________________________
. 1) سورة المائدة: 1 )
ص: 355
فهو غیر « واجب الوجود » له هو الأعم من المتلبّس وما انقضی عنه- إلّاأنّ هذا المفهوم العام لیس له إلّا مصداق واحد، نظیر لفظ
بناءً « اللَّه » موضوع للشخص، بل الموضوع له هو الموجود المستغنی عن الغیر، لکنْ لیس له فی الخارج إلّا مصداق واحد. ونظیر لفظ
علی أنه موضوع لمفهوم المعبود بالحق ولیس علماً للذات المقدسۀ، ولکنّ المصداق واحد.
قاله المحقق الخراسانی فی (الکفایۀ).
فقال الاستاذ:
فکان معناه: « واجب الوجود » فی « الوجود » معناه الثابت، وهو مطلق، وقد اضیف إلی « الواجب » إنّه واضح الضعف، أمّا أوّلًا: فلأن لفظ
لا یتأتّی فیه بحث « اللَّه » الوجود المستغنی عن الغیر، فلیس لهیئۀ الإضافۀ هذه وضع علی حده، للدلالۀ علی المعنی المذکور، ولفظ
.« لا إله إلّااللَّه » ویشهد بذلک التدبّر فی کلمۀ « الإله » المشتق، وکأنه اختلط علیه هذا اللّفظ بلفظ
ولفظۀ « الواجب » وضعاً علی حدة، غیر وضع لفظۀ « واجب الوجود » وأمّا ثانیاً: فإن الغرض من الوضع هو التفهیم، فلو سلّمنا أن للفظ
مفهوماً عامّاً، وإنْ ثبت بالبرهان العقلی أنْ لا - « الجلالۀ » کان جائزاً تعلّقُ غرض الواضع لأن یفهم بهذا اللّفظ- وکذا لفظ ،« الوجود »
للزمان الأعم الجامع بین المتلبّس وما انقضی عنه التلبّس لغو محض، ولا یترتب « مفعل » مصداق له إلّاالذات المقدّسۀ، ولکنّ وضع
علیه أيّ أثرٍ عقلائی.
فهذا الوجه لا یرجع إلی محصَّل.
الوجه الثانی … ص: 355
ونحوها « الأحد » و « السبت » وکذا « السنۀ » و « الشهر » إنه کما أن
ص: 356
موضوعات لمعانی کلیّۀ، فللشهر مصادیق، وللسبت مصادیق … وهکذا، والمصادیق هی التی تتعدّد، أمّا الأسماء هذه فهی موضوعۀ
مقتل » للمعانی الکلیّۀ لا لهذه المصادیق، کذلک الحال فی أسماء الزمان، فهی موضوعۀ للمعانی الکلیّۀ الباقیۀ مع زوال الأفراد، فإن
صفحۀ 178 من 205
مقتل » للمعانی الکلیّۀ لا لهذه المصادیق، کذلک الحال فی أسماء الزمان، فهی موضوعۀ للمعانی الکلیّۀ الباقیۀ مع زوال الأفراد، فإن
اسم للیوم العاشر من المحرم، وعاشر محرَّم غیر موضوع لخصوص الیوم الذي وقعت فیه الواقعۀ، أي الیوم « الحسین علیه السلام
المتلبِّس بالقتل، بل هو موضوعٌ لمفهوم باق بعد انقضاء التلبّس.
قاله المحقق النائینی.
فقال شیخنا دام ظلّه:
أوّلًا: إن قیاس ما نحن فیه بأسماء کلیّات قطعات الزمان، قیاس مع الفارق، فمن الواضح أنّ الشهر أو السبت لیس اسماً لهذا الشهر أو
وغیرهما… « عمرو » و « زید » الصادق علی « الإنسان » ذاك، أو لهذا السبت أو ذاك، بل اسم للکلّی وللطبیعی، کما هو الحال فی وضع
وکذلک عاشر المحرَّم…
العاشر من » اسم للزمان الخاص الذي کان ظرفاً لذلک الوصف، ولتلک الح ّ ص ۀ الخاصۀ من الزمان، فلیس « مقتل الحسین » لکنّ
.« مقتل الحسین » هو « المحرم
وأمثال ذلک، « المولد » والولادة فی « المبعث » والبعث فی « المقتل » وثانیاً: إن الأوصاف التی هی المبادئ فی اسم الزمان، کالقتل فی
فالذي کان « عاشر محرَّم » إنما یتحقّق فی الأفراد والمصادیق، ولیس ظرفها هو الکلّی، وإن کان وجوده بوجود الفرد، وکذلک الأمر فی
ظرفاً للحادثۀ هو
ص: 357
العاشر من المحرم المتخصص بتلک الخصوصیّۀ، وأمّا الکلّی بدون التخ ّ صص فلا یعقل أنْ یکون ظرفاً لمکانٍ أو لزمان، فالقتل قائم
بهذه القطعۀ الخاصّۀ من الزمان، لا کلّی العاشر من المحرَّم، فإن کان الکلّی باقیاً بعد زوال التخ ّ صص لزم وجود الکلّی مع زوال الفرد،
وهذه مقالۀ الرجل الهمدانی، وإنْ کان موجوداً بوجود الفرد، والفرد ظرفٌ للواقعۀ، فلا محالۀ تزول الذات بزوال الخصوصیّۀ. فالوجه
المذکور غیر مفید.
الوجه الثالث … ص: 357
إنّ الأزمنۀ والآنات وإنْ کانت وجوداتٍ متعدّدة متعاقبۀ متّحدة بالسنخ، ولکنّه حیثما لا یتخلّل بینها سکون، فالمجموع یعدّ عند العرف
موجوداً واحداً مستمرّاً، نظیر الخطّ الطویل من نقطۀٍ إلی نقطۀ معیّنۀ، فبهذا الإعتبار یکون أمراً واحداً شخصیّاً مستمرّاً من أوّله إلی
آخره، فیصدق علیه کلّما شک فیه: إنه شک فی بقاء ما علم بحدوثه، فیشمله دلیل حرمۀ النقض.
وحینئذٍ، فبعین هذا الجواب نجیب عن إشکال المقام أیضاً، حیث أمکن لنا تصوّر أمر قارٍ وحدانی، یتصوَّر فیه الإنقضاء، بمثل البیان
المزبور، وإنْ بلغ تلک الأفراد المتعاقبۀ ما بلغ، إلی انقضاء الدهر.
فإنّ مناط الوحدانیّۀ حینئذٍ إنما هو بعدم تخلّل السکون، فیما بین تلک الأفراد، فما لم یتخلَّل عدمٌ بینها یکون المجموع موجوداً واحداً
شخصیّاً مستمرّاً.
نعم، ذلک إنما هو فیما إذا لم تکن تلک القطعات المتعاقبۀ من الزمان مأخوذةً موضوعاً للأثر فی لسان الدلیل، معنونۀً بعنوانٍ خاص،
کالسنۀ والشهر والیوم والساعۀ، ونحوها، وإلّا فلابدَّ من لحاظ جهۀ الوحدانیّۀ فی خصوص
ص: 358
ما عنون بعنوانٍ خاص من القطعات، فیلاحظ جهۀ المقتلیّۀ مثلًا فی السنۀ أو الشهر أو الیوم أو الساعۀ، بجعل مجموع الآنات التی فیما
بین طلوع الشمس مثلًا وغروبها أمراً واحداً مستمراً، فیضاف المقتلیّۀ إلی الیوم والشهر والسنۀ.
فتدبّر.
.«1» قاله المحقق العراقی
صفحۀ 179 من 205
قال شیخنا دام ظلّه:
أوّلًا: کیف یعقل الوجودات فی الزمان؟ إن القول بأن للزمان أجزاء ووجودات یستلزم القول بالآن فی الخارج، وبالجزء الذي لا یتجزّأ،
وبطلان الجوهر الفرد، والجزء الذي لا یتجزأ، ضروري عند أهله، بل الزمان وجود واحد لکنّه متصرّم فی ذاته.
وثانیاً: إنّ الزمان وإنْ کان واحداً، إلّاأن هذه الوحدة لا تنفع فی اسم الزمان، لأنه لو کان الزمان باقیاً کما قال، إمّا عرفاً وإمّا عقلًا، لعدم
تخلل العدم، کان یومنا هذا مقتل الحسین، مبعث الرسول، لأن المفروض بقاء الذات وهو واحد شخصی، فیلزم صدق هذه العناوین
مثلًا- هو تلک الح ّ ص ۀ الخاصّ ۀ من الزمان، فالزمان وإنْ کان - « مقتل الحسین » علی کلّ یومٍ من الأیام، وهو باطل، لما تقدّم من أن
واحداً مستمرّاً، لکنْ لیس کلّ قطعۀٍ منه یسمّی باسم مقتل الحسین، ومن الواضح تصرّم تلک القطعۀ وزوال تلک الحصّۀ، ولا أثر
لوجود أصل الزمان.
وثالثاً: إن فی کلامه تناقضاً، فهو من جهۀٍ یقول: الزمان وجودات وأفراد، ومن جهۀٍ اخري یقول: هو واحد شخصی.
وتلخّص: إن هذا الجواب أیضاً غیر مفید.
__________________________________________________
129 ط جامعۀ المدرّسین. :2 - 1) نهایۀ الأفکار 1 )
ص: 359
الوجه الرابع … ص: 359
اشارة
موضوعۀ للجامع بین ظرف الزمان وظرف المکان، فالمقتل وضع للجامع بین زمان القتل ومکان القتل، وانحصار « مفعل » إن هیئۀ
المفهوم العام بالمصداق الواحد لا ینافی الوضع لذلک المفهوم ولا یضرُّ بصحّته کما تقدَّم، ومن الواضح أن اسم المکان ینقسم إلی
فی محلّ البحث ومورد النزاع فی بحث المشتق. « مفعل » المتلبّس وما انقضی عنه التلبّس، وبذلک یتمّ دخول
.«1» ( قاله المحقق الإصفهانی، وتبعه السید البروجردي، وهو مختار (المحاضرات
قال الاستاذ دام ظلّه:
موضوعۀ لوعاء الفعل، الأعمّ « مفعل » إن هذا الوجه یرفع الإشکال ثبوتاً، لما تقدّم من أن هذا البحث هیوي لا مادّي، فإذا کانت هیئۀ
من الزمان والمکان، لا لخصوص الزمان وللمکان المتلبس بالمبدء والمنقضی عنه التلبّس، وإنْ لم یکن للزمان ذلک، صحَّ أن یجري
النزاع فی تلک الهیئۀ کسائر الهیئات المطروحۀ فی البحث.
ردّ الایراد الثبوتی … ص: 359
وما قیل: من أنَّ مفهوم اسم الزمان لیس ظرفاً لوقوع الفعل ووعاءً له فی الخارج، بل الزمان أمر ینتزع أو یتولّد من تصرّم الطبیعۀ
وتجدّدها، کما حقّق فی محلّه، فقد أجاب عنه شیخنا دام بقاه فقال:
إنّ ما ذکره فی حقیقۀ الزمان یبتنی علی قول أصحاب الحرکۀ الجوهریۀ من أنه مقدار تجدّد طبیعۀ الفلک، لکن دعوي تولّده بمعنی
کون نسبۀ الحرکۀ
__________________________________________________
.245 / 1) محاضرات فی اصول الفقه 1 )
ص: 360
صفحۀ 180 من 205
إلی الزمان نسبۀ العلّۀ إلی المعلول، باطلۀ قطعاً، لعدم تولّد شیء فی الخارج اسمه الزمان من الحرکۀ والتجدّد. وأمّا دعوي کونه منتزعاً-
والأمر الإنتزاعی عبارة عن الحیثیّۀ الوجودیّۀ لما کان له مطابق فی عالم الأین، کالفوقیّۀ، إذ أنها حیثیّۀ موجودة بوجود ذات، ولیس لها
«1» ( وجود فی قبالها، نعم هی مغایرة مفهوماً لذات الفوق کالسقف مثلًا، وقد حقق المحقق الإصفهانی هذا المطلب فی (رسالۀ الحق
فیردّها:
إنه قد وقع الإتّفاق علی أنّ الزمان مقدار الحرکۀ القطعیّۀ، وعلی أنه یقبل القسمۀ إلی أقسام کثیرة، من السنۀ والشهر والیوم والساعۀ،
وأن لکلّ واحدٍ من الأقسام أقساماً، فهذا من جهۀ، ومن جهۀ اخري، فقد اتّفقوا علی أنّ تجدّد الطبیعۀ أمر بسیط، وانتزاع المرکّب من
البسیط محال.
هذا کلّه من الناحیۀ العقلیّۀ.
وأمّا من الناحیۀ العرفیّۀ، ومن المعلوم أن بحثنا عرفی لا فلسفی، فإنّ أهل العرف یرون الزمان ظرفاً للزمانیّات، وتشهد بذلک إطلاقاتهم
فی الکلمات الفصیحۀ، حیث یجعلون الزمان ظرفاً للحادثۀ کما یجعلون المکان ظرف لها، وقال ابن مالک فی (ألفیّته):
….« الظّرف وقت أو مکان »
المأخوذة فی المشتق هو الذات المبهمۀ من جمیع الجهات إلّامن حیثیۀ انتساب المبدء إلیها، فعندما نقول « الذات » ثم إنّ مرادنا من
فالذات المأخوذة فیه مبهمۀ من جمیع الجهات إلّامن جهۀ نسبۀ الفتح، ولذا ینطبق هذا العنوان علی تلک الآلۀ، سواء کانت « المفتاح »
من حدیدٍ أو خشب أو غیرها،
__________________________________________________
.27 -26 / 1) حاشیۀ المکاسب 1 )
ص: 361
فالذات المأخوذة فیه مفهوم مبهم من جمیع الجهات إلّامن جهۀ نسبۀ « الحادث » وکذا علی من فتح عقدةً أو حلّ مشکلۀ. وعندما نقول
الحدوث إلیها، فهی حادثۀ سواء کانت عقلًا أو إنساناً أو ناراً أو بیاضاً … فإن صدق الحادث علی کلّ واحدٍ من ذلک حقیقی.
ویکون « ما وقع فیه الفعل » هو « المفعل » فظهر أنْ لا محذور من أخذ مفهومٍ جامعٍ بین الزمان والمکان، بأن یکون الموضوع له
المصداق تارةً هو الزمان ولیس له ما انقضی عنه التلبّس، واخري المکان، وله المتلبّس وما انقضی عنه التلبّس بالمبدء.
فما ذهب إلیه المحقّق الإصفهانی وأتباعه سالم عن الإشکال الثبوتی.
ورود الإیراد الاثباتی … ص: 361
إلّاأنه ممنوع إثباتاً، لعدم الدلیل علی ماذکروه، إذ لا نصَّ علیه من أئمۀ اللّغۀ- إن کان قولهم مثبتاً للوضع- ولا أنّ علائم الحقیقۀ
کالتبادر قائمۀ علیه.
موضوعۀ للزمان والمکان معاً بنحو الإشتراك المعنوي. « مفعل » وعلی الجملۀ، فلا دلیل علی أن هیئۀ
فهذا الوجه أیضاً لا یرفع الإشکال.
وتلخّص: إن اسم الزمان خارج عن البحث.
-3 هل یجري النزاع فی الأفعال والمصادر المزیدة …؟ ص: 361
اشارة
صفحۀ 181 من 205
ووقع الکلام أیضاً فی المصادر المزیدة والأفعال.
فصرّح المحقق الخراسانی بعدم جریان البحث فیهما وقال: بأن المصادر المزید فیها- کالمجرّدة- مدلولها عبارة عمّا یقوم بالذات، وأمّا
الأفعال فتدلّ علی النسب الخاصّۀ، من النسبۀ القیامیّۀ والحلولیّۀ والصدوریّۀ
ص: 362
والوقوعیّۀ، ولا المادّة فیها قابلۀ للحمل، ولا الهیئۀ، فتکون خارجۀ عن البحث.
قال شیخنا دام ظله:
ولعلّ الوجه فی تخصیصه البحث بالمصادر المزید فیها: ما قیل فی المجرَّد من أنه الأصل فی الإشتقاق، فیکون خروجه تخصصیّاً، لأنه
إذا کان مبدء الإشتقاق فهو غیر مشتق، ثم إنه أشار إلی المصدر المجرَّد أیضاً للدّلالۀ علی مسلک التحقیق من أنّه أیضاً مشتق، لأنّ
ونحوه، وکان تحت هیئۀٍ من الهیئات، والمصدر کذلک، إذ مدلوله النسبۀ الناقصۀ، وله « ض، ر، ب » المشتق ما اخذ من المادّة البسیطۀ
هیئۀ.
فالصحیح: إن المصادر مطلقاً مشتقّۀ، والأصل فی الإشتقاق هی تلک الهیئۀ المجرّدة عن المادّة، والتی نسبتها إلی المادّة نسبۀ الهیولی
إذا کانت فی هیئۀٍ لا یمکن « ض، ر، ب » إلی الصّورة النوعیّۀ، فکما أنّ الهیولی تتخلّی عن صورةٍ لتأخذ صورة اخري، فکذلک مادة
أن تأخذ هیئۀً اخري، فقولهم:
المصدر أصل الکلام لا أصل له.
وقد یقال: بأنّ هیئۀ اسم المصدر لمّا کانت لا تدلّ علی شیء سوي أنها للتلفّظ، فهی الأصل فی الکلام، بخلاف المصدر فإن له نسبۀ
ناقصۀ، فإنْ لوحظ بحیثیّته الصدوریّۀ کان مصدراً، وإنْ لوحظ بدونها فهو اسم مصدر، ویقابلهما الفعل، فإنّ هیئته تامّۀ یصحّ السکوت
علیها، والمدلول فیه هو النسبۀ التامّۀ.
وأمّا الإستدلال علی خروج الأفعال بأنها مشتملۀ علی النسبۀ الصدوریّۀ والحلولیّۀ، فهی غیر قابلۀ للحمل، فینقض بهیئۀ اسم الفاعل مثل
« ضارب »
ص: 363
الذي نسبته حلولیّۀ، بل التحقیق أن المناط هو الصلاحیّۀ للاتحاد مع الذات، وهذا موجود فی سائر « حلو » الذي نسبته صدوریّۀ، و
المشتقات غیر المصادر والأفعال.
هل فی الفعل دلالۀ علی الزمان …؟ ص: 363
المشهور بین النحاة ذلک، وقد نصّ صاحب (الکفایۀ) وجماعۀ علی أنه اشتباه، لأنّه لابدّ لکلّ مدلولٍ من دالٍّ یدلّ علیه، والأفعال
لیست إلّاالموادّ والهیئات، أمّا المادّة فتدلّ علی الحدث فقط، وأما الهیئۀ فهی عبارة عن معنیً حرفی، وهو واقع النسبۀ الخاصّۀ، فلا دالّ
علی دخول الزمان فی مدالیل الأفعال.
وربما یقال: بأن الزمان مدلولٌ التزامی للفعل، لا مطابقی وتضمّنی.
مثلًا لا توجد ملازمۀ ومقارنۀ بین « مضی الزمان » وفیه: إن الأفعال تستعمل فی موارد کثیرة لا تلازم لها مع الزمان ولا تقارن، ففی قولنا
المضیّ والزمان.
وعلم اللَّه سبحانه فوق الزمان، والمجرَّد لا زمان ،« علم اللَّه » : وأیضاً: لا ریب فی إطلاق هذه الهیئات علی اللَّه وعلی المجرَّدات، فنقول
فیه.
فإمّا أنْ یلتزم بالمجاز فی جمیع هذه الإستعمالات، لکنّها من فعل الإنسان، وهو لا یري- بالوجدان- فرقاً فی الإستعمال والإسناد بین
صفحۀ 182 من 205
فلا وجه للإلتزام بالمجاز، ولا دلیل علی الدلالۀ الإلتزامیۀ بل الدلیل دالّ علی عدمها. ،« علم زید » و « علم اللَّه »
وعلی الجملۀ، فإن هذه الصیغ تستعمل فی جملٍ لا دخل للزمان فی معانیها، ولیس فی استعمالها فیها أیّۀ عنایۀٍ.
وکلّ ذلک دلیلٌ علی بطلان ما اشتهر علی ألسنۀ النّحاة.
ص: 364
الإشکال المهم … ص: 364
لکنّ الإشکال المهمّ- وقد أشار إلیه فی (الکفایۀ) أیضاً- هو وجود الفرق الواضح بین الفعل الماضی والفعل المضارع، فإنّ مدلول
الأوّل مشتمل علی قبلیّۀٍ، ومدلول الثانی مشتمل علی بعدیّۀٍ، لأنه إنْ کان موضوعاً للحال والمستقبل معاً، فمدلوله ما یقابل البعدیّۀ، وإن
کان موضوعاً للمستقبل فقط، ففیه دلالۀ علی البعدیّۀ.
وهذا کاف لإثبات دلالۀ الأفعال علی الزّمان … فما هو الجواب؟
الأجوبۀ عن الإشکال … ص: 364
-1 أجاب فی (الکفایۀ) بأنه لا یبعد أنْ یکون لکلٍّ من الماضی والمضارع بحسب المعنی خصوصیّۀ اخري توجب الدلالۀ علی المضیّ
فی الماضی، وعلی الحال والإستقبال فی المضارع.
لکنْ ما المراد من الخصوصیّۀ؟
ما حاصله: أنّها خروج المبدء من القوّة إلی الفعل فی هیئۀ الفعل الماضی، وعدم خروجه فی هیئۀ الفعل «1» ذکر السید الحکیم
المضارع.
وهذا یرجع إلی ماذکره المحقق المشکینی من أن هیئۀ الماضی موضوعۀ للنسبۀ التحققّیۀ، وهیئۀ المضارع موضوعۀ للنسبۀ التوقعیّۀ.
فهذه هی الخصوصیۀ فی کلٍّ منهما.
وهذا الجواب- کما ذکر شیخنا دام ظلّه- إنّما یفید فی الزمانیّات فقط، وفیها یتصوّر القوّة والفعل، أما بالنسبۀ إلی ذات الباري سبحانه،
وکذا سائر المجرّدات، فلا یعقل الخروج من القوّة إلی الفعل، إذ المجرّد حقیقته الفعل
__________________________________________________
102 ط البصیرتی. / 1) حقائق الاصول 1 )
ص: 365
ولا تشوبها القوّة أصلًا، فما ذکرا فی توجیه جواب المحقق الخراسانی یستلزم الإلتزام بالمجاز فی جمیع موارد إطلاق صیغ الماضی
والمضارع فی کافّۀ المجرّدات. وهذا هو المحذور المتوجّه علی کلام النحاة.
أمّا بالنسبۀ إلی الزمان والزمانیّات، فبإنّ هیئۀ الماضی موضوعۀ للنسبۀ المتّصفۀ بالتقدّم، وهیئۀ «1» ( -2 وأجاب فی (نهایۀ الدرایۀ
المضارع موضوعۀ للنسبۀ المتّصفۀ بالحالیّۀ أو المستقبلیّۀ، والتقدّم والتأخّر فی الزمانیّات یکون بالعرض، وفی نفس الزمان بالذات،
وقولنا: مضی الزمان الفلانی، ویأتی الزمان الفلانی ونحو ذلک، کلّه حمل حقیقی ولیس بمجاز أصلًا.
وأمّا بالنسبۀ إلی ذات البارئ سبحانه، فإن إطلاق الماضی والمضارع إنّما هو من جهۀ أن معیّۀ الحق سبحانه مع الموجودات معیّۀ
القیومیّۀ، وهذه المعیّۀ مع الموجود السابق سابقۀ، ومع اللّاحق لاحقۀ، فالسّبق واللّحوق غیر مضافین إلیه تعالی، بل هما مضافان إلی ما
یقوم به، فکان إطلاق الماضی والمضارع بالنسبۀ إلیه بلحاظ هذا السبق واللّحوق.
ونحو ذلک، نستعمل الهیئۀ فی نفس الذات المقدّسۀ، لا فی السابق أو اللاحق « یعلم اللَّه » و « علم اللَّه » وأورد علیه شیخنا: بأنا لمّا نقول
صفحۀ 183 من 205
الذي کان مع اللَّه، فلا مناص له إلّاالإلتزام بالمجاز والعنایۀ، وهو کرّ علی ما فرّ منه.
بما حاصله: «2» ( -3 وأجاب فی (درر الاصول
أوّلًا: إن الفعل الماضی موضوع لمضیّ المادّة التی تحت هیئۀ الماضی، بالنسبۀ إلی حال الإطلاق، بدلیل قولهم: مضی الزمان.
__________________________________________________
(1)
.181 / نهایۀ الدرایۀ 1
60 ط جامعۀ المدرّسین. / 2) درر الاصول 1 )
ص: 366
فإذا کانت الهیئۀ فی الماضی دالّۀً علی المضی، کان الکلام: مضی المضی، « م، ض، ي » : فعل ماضٍ، والمبدء فیه « مضی » وفیه: إن
وهذا غلط.
وثانیاً: إن الفعل المضارع موضوع للمستقبل ولا دلالۀ له علی الحال.
«1» « یَعْلَمُ مَا یَلِجُ فِی الْأَرْضِ وَمَا یَخْرُجُ مِنْهَا » : وفیه: إن لازم هذا الکلام الإلتزام بالمجاز فی قوله تعالی
«2» « یَعْلَمُ مَا فِی السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ » : وقوله
ونحوهما من الآیات وغیرها المراد فیها الحال لا المستقبل.
علی أن ماذکره خلاف المشهور من أن المضارع موضوع للجامع بین الحال والمستقبل.
بأنّ مدلول هیئۀ الفعل الماضی هو قصد المتکلّم وقوع المادة فی الزمان السابق علی التکلّم، ومدلول «3» ( -4 وأجاب فی (المحاضرات
هیئۀ الفعل المضارع قصده وقوعها بعد زمان التکلّم، أللهم إلّاإذا قامت قرینۀ علی الخلاف … فلیس معنی الهیئۀ وقوع المادّة قبل زمان
التکلّم أو بعده، نعم، فی الزمانیّات لابدّ من وقوع المادّة قبله أو بعده، لکنَّ هذا من لوازم الموجودات الزمانیّۀ، ولیس مدلول الهیئۀ.
مثلًا تحقّق علمه سبحانه قبل زمان التکلّم، بل إخبار المتکلّم عن قصده علم اللَّه قبل « علم اللَّه » وعلی ذلک، فلیس مدلول قول القائل
زمان تکلّمه، بداهۀ أن علمه تعالی لا ینقسم إلی قبل وبعد زمان التکلّم.
وأورد شیخنا دام ظلّه علی هذا الجواب: بأنّه یبتنی علی مسلک صاحبه فی المعنی الحرفی، من أن الحروف- وکذا الهیئات- موضوعۀ
لإیجاد
__________________________________________________
. 1) سورة سبأ: 2 )
. 2) سورة التغابن: 4 )
.247 / 3) محاضرات فی اصول الفقه 1 )
ص: 367
التضییقات فی المعانی الاسمیۀ، فإذا أخبر المتکلّم عن علم اللَّه سبحانه وقصد تضییق إخباره أبرز قصده بهیئۀ الفعل الماضی أو بهیئۀ
الفعل المضارع … وقد تقدّم الکلام علی هذا القول فی محلّه، لکن الإشکال هنا هو: إنه لا ریب أن معانی الهیئات معانٍ حرفیّۀ،
والمعانی الحرفیّۀ- تختلف سنخاً وجوهراً عن المعانی الاسمیّۀ- وإن اختلفوا فی کیفیۀ هذا الإختلاف وحقیقته- وعلیه، فلا یعقل أن
هو المعنی الذي تدلُّ علیه الهیئۀ، لأنه- أي القصد- معنیً اسمی، کما لا یخفی. « القصد » یکون
المختار فی الجواب لدي الشیخ الاستاذ … ص: 367
صفحۀ 184 من 205
وبعد أنْ فرغ شیخنا دام ظلّه من تحقیق الوجوه التی ذکرها الأعلام، أفاد بلحاظها وبالنظر إلی کلام النحاة:
إنّ هیئۀ الماضی موضوعۀ للنسبۀ الموصوفۀ بالتقدّم علی زمان النطق، وهیئۀ المضارع موضوعۀ للنسبۀ الموصوفۀ بالتأخّر عنه، من غیر
فهذه ضمیمۀ « فی الزمان الماضی » لیس إلّاالمعنی الذي هو مدلول المادّة، أمّا کونه « علم » دخلٍ للتقدّم والتأخّر فی مفهومیهما، فمفهوم
.« یعلم » من عندنا، نعم، هذا العلم یقع مقترناً بذاك الزمان، أو مقترناً مع زمان الحال أو المستقبل فی
فلیس فی مفهوم الفعل والهیئۀ الموضوعۀ له الدلالۀ علی الزمان، ولا الخروج من القوّة إلی الفعل، أو العدم إلی الوجود، وإنما المدلول
مجرّد تحقّق المادّة قبل أو بعد زمان النطق، وهذه هی الخصوصیّۀ المشار إلیها فی کلام (الکفایۀ …) ومن هنا صحّ قولنا علم اللَّه، یعلم
اللَّه، إذ لیس المعنی إلّاوجود علمه تعالی قبلُ وفی الحال والمستقبل.
ص: 368
هو الخروج من القوة إلی الفعل، ومن العدم إلی الوجود، وهذا لا ینافی « یوجد زید » و ،« وجد زید » نعم، لازم ذلک فی المادیّات مثل
ماذکرناه فی المفهوم الموضوع له الهیئۀ.
بالزمان أمرٌ، وکون الزمان دخیلًا فی المعنی أمرٌ آخر، وقد جاء فی کلام ابن الحاجب ونجم الأئمۀ الرضی « الإقتران » کما أنّ
الإسترابادي وغیرهما أن الفعل کلمۀ مدلولها الحدث المقترن بأحد الأزمنۀ الثلاثه، وهکذا جاء فی کلام ابن هشام، إلّاأنّه خالف فقال
بدلالۀ الفعل علی الزمان، ولذا ورد الإشکال. «1» ( کبعضهم فی (شذور الذهب
والحاصل: إن الوقوع فی الزمان والإقتران به فی الوجود یعتبر قیداً للمفهوم ولیس جزءً له، فصحّ إطلاق الهیئۀ فی الزمانیّات، وفی
المجرّدات، وبالنسبۀ إلی الباري سبحانه وتعالی، فتدبّر.
-4 هل یجري النزاع فی اسم الآلۀ واسم المفعول …؟ ص: 368
قد عرفت موضع النزاع فی بحث المشتق، وأنه بحثٌ هیوي ولیس بمادّي، فلا دخل لاختلاف المواد فیه، من کون المبدء أمراً فعلیّاً، أو
أمراً شأنیّاً، أو ملکۀً من الملکات، أو حرفۀً من الحرف.
یکون التلبّس هو التلبّس الفعلی بالمبدء، فإذا انقضت الفعلیّۀ فقد انقضی عنه المبدء. « القیام » ففی مثل
یتحقق التلبّس بتحقق الملکۀ، ویکون انقضاؤه بانقضاءِ الملکۀ، ولذا یصح إطلاق المجتهد علی صاحب الملکۀ « المجتهد » وفی مثل
وإن کان فی حال النوم مثلًا.
__________________________________________________
(1)
شرح الکافیۀ: 218 ط القدیمۀ.
ص: 369
کذلک. « البقّال » وفی مثل
دالّۀ علی التلبّس حقیقۀً، لأن المناط فی مثله هو « المِفعال » ونحوه من أسماء الآلات، فإنّ هیئۀ « المفتاح » وکذلک الکلام فی مثل
مثلًا … وهکذا، لا التلبّس بالفتح والکنس فعلًا، فأسماء الآلات داخلۀ فی « المکنسۀ » وللکنس فی « المفتاح » التلبس بالشأنیّۀ للفتح فی
البحث، لانطباق الضابط علیها، خلافاً لمن استشکل فی ذلک.
بأنه موضوع لمن وقعت علیه المادّة، ومن وقع علیه المادة لا ینقلب عمّا « اسم المفعول » کما أنّ استدلال المحقق النائینی علی خروج
فیه، فلا یشمله الضابط، مردود: « من انقضی عنه التلبّس بالمبدء » هو علیه، فلا مِصداقیۀ ل
صفحۀ 185 من 205
أمّا نقضاً، فباسم الفاعل، فهو موضوع لمن صدر منه المبدء، ومن صدر منه المبدء لا ینقلب عمّا هو علیه، وقد وافق علی دخوله فی
البحث.
وأمّا حلّاً، فبأنّ البحث هو: هل هذه الهیئۀ موضوعۀ لتلک الذات فی حال وقوع المادّة علیها فقط، أو هی موضوعۀ لها بِصِ رف أنها
تلبّست بذلک وانقضی عنها، کما أنّ اسم الفاعل کذلک؟
فی عنوان البحث …) ص: 369 « الحال » المقدمۀ الثالثۀ (فی المراد من
فی عنوان البحث فی کلام الأعلام- وقولهم: هل المشتق حقیقۀ فی المتلبّس بالمبدء فی الحال أو أنه حقیقۀ فی « الحال » هل أن
الأعم؟- عبارة عن حال التلبّس بالمبدء، أو عبارة عن حال الجري والتطبیق علی المصداق الخارجی، أو عبارة عن حال النطق والنسبۀ
الکلامیّۀ؟
ص: 370
قد کرّرنا أن هذا البحث مفهومی، فهو یدور حول أنّ مفهوم الهیئۀ هل هو عبارة عن خصوص الحصّۀ المتلبّسۀ بالمبدء من الذات أو
أنّه أعمّ من المتلبّسۀ والتی انقضی عنها التلبّس، فهو بحث مفهومی مردّد بین الأقل والأکثر، أو بین المتباینین.
هو حال التلبّس لا محالۀ، لا حال النطق ولا حال الحمل والإسناد، وممّا یوضّح أنْ لیس المراد حال النطق قولنا: زید « الحال » فالمراد من
کان ضارباً بالأمس وسیکون ضارباً فی الغد، فإنّه إطلاق حقیقی، مع أنه لیس المراد حال النطق، کما یوضّ ح أنّ المراد لیس حال
الإسناد صحّۀ إطلاق المشتقّات فی المجرّدات وهی لا موضوع للزمان فیها.
وتلخّص: إن المراد حال التلبّس، إلّاأن فعلیّۀ کلّ مادّةٍ بحسبها، کما ظهر من المقدمۀ السابقۀ.
هذا تمام الکلام فی المقدّمات…
فما هو مقتضی الأدلّۀ والاصول…
ص: 371
مقتضی الأدلّۀ والاصول … ص: 371
فی معنی المشتق … ص: 371
ویقع البحث فی مقامین:
الأول: فی مقتضی الأدلَّۀ.
والثانی: فی مقتضی الاصول، بعد الیأس عن الأدلَّۀ.
والکلام فی المقام الثانی فی جهتین:
الاولی: فیما یقتضیه الأصل من الجهۀ الاصولیّۀ، فیبحث عمّا هو مقتضی الأصل فی تنقیح وتعیین المفهوم الموضوع له المشتق.
والثانیۀ: فیما یقتضیه الأصل من الجهۀ الفقهیّۀ، فإن لم یقم أصلٌ یوضّح وینقّح الموضوع له، فما هو الأصل الذي یرجع إلیه الفقیه فی
مقام الفتوي؟
ص: 372
المقام الثانی … ص: 372
صفحۀ 186 من 205
اشارة
وقد قدّم فی (الکفایۀ) البحث فی المقام الثانی، ونحن أیضاً نتبعه فی ذلک:
تأسیس الأصل من الجهۀ الاصولیّۀ … ص: 372
والأصل فی هذه الجهۀ إمّا عقلائی وإمّا تعبّدي، وهو- علی کلّ تقدیر- مفقود، کما سیأتی، ولنذکر قبل الورود فی بیان ذلک، ما یلی:
إن المفروض هو الجهل بسعۀ مفهوم الهیئۀ وأنه أعمّ من المتلبّس وما انقضی عنه، أو ضیقه وأنه خصوص حال التلبّس، فهل یکون هذا
التردّد من قبیل دوران الأمر بین الأقل والأکثر أو من قبیل المتباینین؟
قالوا: بأنه من قبیل الأوّل.
فقال الاستاذ دام بقاه: بأنّ النسبۀ بین العام والخاص، وکذا المطلق والمقیّد، فی مرحلۀ ال ّ ص دق علی الخارج، هی النسبۀ بین الأقل
والأکثر، لأنّ کلّ خاصّ فهو العام مع خصوصیّۀ إضافیّۀ فیه، کما فی أعتق رقبۀً مؤمنۀ، أمّا النسبۀ بینهما فی مرحلۀ اللّحاظ والتصوّر فهی
التباین، ومن هنا قال المحقق الإصفهانی بأن التقابل بین الإطلاق والتقیید هو تقابل التّضاد، فهما بحسب الوجود الخارجی مجتمعان،
أما بحسب اللّحاظ فلا یجتمعان.
وبناءً علی هذا، فلمّا کان بحث المشتق یدور حول المعنی الموضوع له
ص: 373
الهیئۀ، وهذا ممّا یتعلَّق بمرحلۀ التصوّر لا مرحلۀ الصدق الخارجی، فالنّسبۀ بین الأخصّ والأعم من قبیل المتباینین.
وفائدة هذا المطلب هی: أنه إنْ کان من الأقل والأکثر، فالجامع بین المتلبّس ومن انقضی عنه التلبس ملحوظ لا محالۀ، ویرجع الشک
حینئذٍ إلی الزائد، فیکون خصوص التلبّس مجري الأصل … إلّاأن القوم قالوا بجریان الأصل فی کلا الطرفین، وهذا مما یشهد بکون
مورد البحث من المتباینین لا من الأقل والأکثر.
فالبحث من الجهۀ الاصولیّۀ شبهۀ مفهومیّۀ مردّدةٌ بین متباینین، لأن کلّاً من المتلبّس والأعمّ یلحظ بلحاظٍ مستقل. أمّا من الجهۀ الفقهیّۀ،
فشبهۀ مفهومیّۀ مردّدة بین الأقل والأکثر، کما سیأتی.
فهل هناك أصل لیرجع إلیه فی هذه الجهۀ؟ إن صورة المسألۀ هی: إن المشتق إن کان موضوعاً للأعم فهو مشترك معنوي، وإنْ کان
موضوعاً لخصوص المتلبّس، فاستعماله فی الأعم مجاز، فیعود الأمر إلی الدوران بین الإشتراك والمجاز، فهل من أصلٍ عقلائی؟
کلّا، لا یوجد عند العقلاء أصل یرجعون إلیه فی مثل هذه المسألۀ، إلّا أن یقال بأنّ الغلبۀ مع الإشتراك، والشیء یلحق بالأعمّ الأغلب
فی السیرة العقلائیۀ.
لکن الغلبۀ غیر ثابتۀ، والسّیرة غیر مسلّمۀ.
هذا، بغض النظر عن أنّا بصدد تأسیس الأصل، والترجیح بالغلبۀ الذي هو من مرجّحات باب تعارض الأحوال یعدُّ من الأدلّۀ.
وهل من أصلٍ تعبّدي؟ والمراد أصالۀ عدم لحاظ الواضع لدي الوضع
ص: 374
خصوص المتلبّس وحال التلبّس مثلًا، ولکن فیه:
أوّلًا: إنّ موضوع الأثر هو الظهور، وأمّا اللّحاظ فلیس موضوعاً للأثر، فلا یجري فیه الإستصحاب.
وثانیاً: إن إستصحاب عدم لحاظ خصوص المتلبّس لازمه لحاظ الأعمّ منه ومن انقضی عنه التلبّس، فلا یثبت الوضع للأعمّ إلّاعلی
القول بالأصل المثبت.
وثالثاً: إذا کانت أرکان الإستصحاب فی طرف عدم لحاظ خصوص المتلبّس تامّۀً، فهی فی طرف عدم لحاظ الأعمّ تامّۀ کذلک، فیقع
صفحۀ 187 من 205
وثالثاً: إذا کانت أرکان الإستصحاب فی طرف عدم لحاظ خصوص المتلبّس تامّۀً، فهی فی طرف عدم لحاظ الأعمّ تامّۀ کذلک، فیقع
التعارض بینهما ویسقطان بالمعارضۀ.
تأسیس الأصل من الجهۀ الفقهیّۀ … ص: 374
أي: إذا لم تفِ الأدلّۀ فی بحث المشتق لإثبات أحد القولین، فبأيّ أصلٍ من الاصول یأخذ الفقیه؟ وماهی وظیفته بالنسبۀ إلی المشتق
الواقع موضوعاً لحکم من الأحکام الشرعیّۀ؟
إن مورد البحث هو الشبهۀ المفهومیّۀ، أي الشبهۀ الحکمیّۀ الناشئۀ من إجمال مفهوم موضوع الدّلیل، من جهۀ کونه مشتقاً، وأنّه لا یعلم
أنه وضع لخصوص المتلبّس بالمبدء أو للأعم منه ومن انقضی عنه، وله فی الفقه أمثلۀ کثیرة، کمسألۀ أمّ الزوجۀ التی بحثنا عنها
بالتفصیل، وکمسألۀ کراهۀ البول تحت الشجرة المثمرة، وکمسألۀ کراهۀ استعمال الماء المسخّن بالشمس…
وغیرها.
لکن المشتق المجمل قد جاء فی بعض هذه الموارد موضوعاً لدلیلٍ مخ ّ صصٍ لعام، کما فی مثال ام الزّوجۀ، فإنه موضوع لدلیلٍ
مخصّصٍ
ص: 375
لعمومات حلیّۀ النکاح، ففی مثل هذا المورد، إنْ جاء المخ ّ صص متّصلًا بالعام، فلا ریب فی سرایۀ إجماله إلی العام، وإنْ جاء منفصلًا،
کما فی المثال المذکور، فإن مقتضی القاعدة هو التمسّک بعموم العام بالنسبۀ إلی الزائد عن القدر المتیقّن من المخ ّ صص، وهو فی
المثال خصوص المتلبّس، فیبقی العام حجۀً بالنسبۀ إلی الأعم.
إلّاأن المهمّ فی المقام هو تأسیس الأصل بالنسبۀ إلی الموارد التی لا یوجد عام فی البین، أو کان المخ ّ صص متّصلًا به، فما هو الأصل
المحکّم فیها؟
من حیث أنه حقیقۀ فی خصوص المتلبّس بالعلم فقط أو فی الأعمّ منه « العالم » وشک فی مفهوم « أکرم العلماء » : مثلًا: لو قال المولی
ومن انقضی عنه، فهنا ثلاثۀ أقوال:
-1 جریان الإستصحاب فی الشبهات المفهومیۀ مطلقاً.
-2 عدم جریانه کذلک.
-3 التفصیل بین الموضوع فلا یجري، والحکم فیجري.
فإنْ قلنا بجریان الإستصحاب فی الشبهات المفهومیّۀ، أمکن إجراؤه فی موضوع المثال، لسبق الإتّصاف والتلبّس بالعلم یقیناً، ومع
الشک فی بقائه یستصحب، ویترتّب علیه الحکم بوجوب الإکرام، فلا تصل النوبۀ إلی إجراء الإستصحاب فی الحکم، فضلًا عن
التمسّک بالبراءة أو الإشتغال.
وکذا لو نهی المولی عن هتک العالم، فشک فی بقاء تلبّس زیدٍ بالعلم مع الیقین بذلک سابقاً، فإنّه یستصحب بقاء العلم- کما ذکر
المحقق الخراسانی- ولایجوز هتکه.
ص: 376
وإن قلنا بعدم جریان الإستصحاب فی الشبهۀ المفهومیّۀ إلّافی الحکم، فإنه مع الشک فی بقاء الحکم بوجوب الإکرام- بعد الیقین به
سابقاً-، یجري الإستصحاب، ولا تصل النوبۀ إلی البراءة أو الإشتغال.
وإنْ قلنا بعدم جریان الإستصحاب فی الشبهۀ المفهومیّۀ مطلقاً، کما هو المختار- أمّا فی الموضوع، فلأنه یعتبر فی الموضوع
المستصحب أن یکون ذا أثر شرعی، والمفاهیم لا أثر لها، وأمّا فی الحکم، فلأنه یعتبر فی الإستصحاب وحدة الموضوع فی القضیّتین،
.- «1» وهی هنا مفقودة
صفحۀ 188 من 205
فتصل النوبۀ إلی البراءة أو الإشتغال.
__________________________________________________
لیس بحرامٍ، بل الحرام هو الخمر « الخمر » 1) إن المفاهیم- بما هی مفاهیم ومدالیل للألفاظ- لیست بموضوعات لآثار شرعیّۀ، فمفهوم )
لیس بذي أثر بل الأثر الشرعی یترتب علی المصداق الخارجی، وحینئذٍ لابدّ من توفّر أرکان « الکر » الموجود خارجاً، ومفهوم
فی المثال، فإنه لیس مفهوم هذه اللفظۀ بما هو « العالم » الاستصحاب- الیقین السابق والشک اللّاحق- فی المصداق الخارجی، وکذا
موضوعاً للأثر بل واقع العلم، ومع الشک یدور أمره بین ما انقضی عنه التلبس وهو منتف یقیناً، وبین کونه حقیقۀ فی الأعم فیکون باقیاً
یقیناً، فالشک فی البقاء منتفٍ، فلا یجري الاستصحاب فی طرف الموضوع.
هذا بالنسبۀ إلی الموضوع.
وکذلک الحال بالنسبۀ إلی الحکم. وذلک، لعدم صدق نقض الیقین بالشک فی حال اختلاف موضوع القضیّۀ المشکوکۀ مع موضوع
القضیۀ المتیقّنۀ، فلابدّ من وحدة الموضوع، وهی فی الشبهات الحکمیّۀ منتفیۀ، لأن أمر الموضوع فیها یدور بین الزوال تماماً والبقاء
یقیناً، لأن تلک الذات إن کانت متلبّسۀً بالعلم، فإنه مع زوال التلبس یزول موضوع الإستصحاب، لان المفروض کون التلبّس جزءً
للموضوع، وبناء علی الأعمّ یکون الموضوع باقیاً یقیناً، وفی مثله لا یجري الإستصحاب.
وبما ذکرنا یظهر أن الدّلیل علی عدم جریان الاستصحاب فی الشبهات الحکمیّۀ هو قصور المقتضی، أي عدم شمول أدلّۀ الإستصحاب
لمثل هذه الشبهات، لا المعارضۀ بین استصحاب عدم المجعول واستصحاب عدم الجعل، لأنّ التعارض فرع وجود المقتضی لشمول
الأدلَّۀ للطّرفین، وتفصیل الکلام فی محلّه.
ص: 377
وههنا صور:
-1 أن یرد الحکم علی الموضوع، وبعد وروده ینقضی المبدء، کأن یحکم بإکرام العالم العادل، وتنقضی العدالۀ عن الذات بعد ثبوت
الحکم.
-2 أن ینقضی المبدء عن الموضوع، ثم یرد الحکم.
فبناءً علی عدم جریان الإستصحاب الحکمی فی الشبهات المفهومیّۀ، یکون الأصل الجاري هو البراءة، لکون المورد- فی کلتا
الصورتین- من موارد الشک فی التکلیف الزائد، لرجوع الشک إلی أصل وجوب الإکرام.
ولم یمتثل بعد، فإنْ امتثل فی مورد المتلبّس یقیناً سقط التکلیف، وإنْ « العالم العادل » -3 أن یتوجَّه الحکم بوجوب الإکرام علی عنوان
اکرم من انقضی عنه التلبس یشک فی حصول الإمتثال وسقوط التکلیف، وبذلک یتّضح أنّ هذه الصورة من صغریات دوران الأمر
بین التعیین والتخییر، فإنْ قلنا بالإشتغال، حکمنا بوجوب إکرام خصوص المتلبّس، وبه قال المحقق العراقی، مع قوله بالبراءة فی الصورة
الاولی تبعاً لصاحب (الکفایۀ)، وفی الثانیۀ بالإستصحاب، لأنّه یري جریانه فی الشبهات المفهومیّۀ.
لکنّ المختار فی دوران الأمر بین التعیین والتخییر هو البراءة، إلّاأن موارد دوران الأمر کذلک مختلفۀ، فتارةً: یکون التکلیف غیر معلومٍ
تماماً، کأنْ یکون الإجماع دلیل الوجوب، وهو دلیل لبّی، فمثله من صغریات دوران الأمر بین الأقل والأکثر، والأصل هو البراءة.
واخري: یکون التکلیف معلوماً بوجهٍ من الوجوه، ومعه یصح للمولی الإحتجاج علی العبد، فلا مجال لأصل البراءة، وموردنا من هذا
علی من انقضی عنه التلبّس، « العالم العادل » القبیل، إذ التکلیف معلوم، والتحیّر یعود إلی مقام الإمتثال والتطبیق، ومع الشک فی صدق
لا یجوز الإکتفاء به، بل المرجع هو الإشتغال.
هذا تمام الکلام فی المقام الثانی.
ص: 378
صفحۀ 189 من 205
المقام الأوّل … ص: 378
اشارة
والبحث فی جهتین کذلک:
-1 جهۀ الثبوت.
-2 جهۀ الإثبات.
ولا یخفی ترتّب الجهۀ الثانیۀ علی الاولی، ضرورة أن البحث عن دلالۀ الأدلَّۀ علی کلّ واحدٍ من القولین، متفرّع علی إمکان وضع
اللّفظ لخصوص المتلبّس أو للأعم، فلو لم یمکن إلّاوضعه علی هذه الح ّ ص ۀ أو تلک، لم تصل النوبۀ إلی البحث الإثباتی، کما
سیتّضح.
الجهۀ الأولی … ص: 378
اشارة
ذهب المحقّقان النائینی والإصفهانی إلی عدم إمکان وضع اللّفظ للأعمّ، وأنه یتعیَّن أنْ یوضع للمتلبّس خاصّۀ:
الإشکال الثبوتی ببیان المیرزا … ص: 378
رحمه اللَّه، ما ملخّصه: إمّا أنْ نقول ببساطۀ المشتق أو نقول بترکّبه. «1» قال
أمّا علی الأول، فلا یمکن الوضع للأعم، لأنّ معنی بساطۀ المشتق أنْ یکون الموضوع له اللّفظ نفس المبدء فقط، مع لحاظه بنحو
اللّابشرط، أي:
__________________________________________________
.112 / 1) أجود التقریرات 1 )
ص: 379
حالکونه قابلًا للحمل علی الذات والاتّحاد معها، وهو اسم الفاعل واسم المفعول ونحوهما … لا بنحو البشرط لا، الذي لا یقبل الحمل
والاتّحاد مع الذات، وهو المصدر واسم المصدر … کالبیاض مثلًا إذا لوحظ وجوداً فی قبال وجود الذات، فإنّه حینئذٍ لا یحمل علیها،
فلا یقال: الجدار البیاض، بخلاف ما إذا لوحظ مرتبۀً من وجود الجدار، فیحمل علیه ویتّحد معه ویقال:
الجدار أبیض.
وعلی الجملۀ، فإنّ القول ببساطۀ المشتق مع لحاظه لا بشرط، معناه أن مدلول العالم مثلًا لیس إلّاالعلم فقط، وأن الذات غیر مأخوذة فیه
أصلًا، فلیس هناك من یتلبَّس بالعلم أو ینقضی عنه التلبّس، بل المدلول هو مبدء العلم، وأمره دائر بین الوجود والعدم.
وعلیه، فاللّفظ موضوع للمتلبّس، ویستحیل أن یکون موضوعاً لما انقضی عنه التلبّس، فیصیر وضع المشتقات کوضع الجوامد، فإذا زال
المبدء لم یبق شیء، کما لو زالت الإنسانیۀ فلا شیء یصدق علیه عنوان الإنسان، بل المشتق أسوء حالًا، لبقاء المادّة بعد زوال الصّورة
النوعیّۀ فی الإنسان، وعدم بقاء شیء بعد زوال المبدء فی المشتق، کما تقدّم.
وبما أنّ الحق عند المحقق النائینی هو بساطۀ المشتق، فوضع المشتق للأعمّ غیر ممکن ثبوتاً.
وأمّا علی الثانی، بأنْ یقال بترکّب المشتقّ من المبدء والذات المبهمۀ من جمیع الجهات إلّااتّصافها بالمبدء، فکذلک، لعدم إمکان
صفحۀ 190 من 205
تصویر الجامع بین المتلبّس وما انقضی عنه التلبّس غیر الزمان، ولولا أخذه فی المشتق لم یتحقّق الإنقضاء، لکنْ قد تقرّر- کما تقدّم-
أنّ الزمان غیر مأخوذٍ فی
ص: 380
المشتقات، ولو فرض اشتمال الهیئۀ علی الزمان فی الأفعال، فلا ریب فی عدم أخذه فی أسماء الأفعال والمفاعیل.
هذا، ولا ینتقض هذا الذي ذکره هنا بما تقدّم عنه فی مدلول هیئۀ الفعل الماضی من أنه النسبۀ التحقّقیّۀ، وأنّ هذه النسبۀ تجمع بین
المتلبس وما انقضی، فلتکن هی الجامع بین جمیع المشتقات. ووجه عدم ورود النقض هو أنه رحمه اللَّه یري التلازم بین هذه النسبۀ
مع الزمان الماضی فی الزمانیّات، فلا معنی لوجودها فی اسم الفاعل واسم المفعول ونحوهما.
فظهر عدم إمکان الوضع للأعم ثبوتاً علی کلا التقدیرین.
الإشکال الثبوتی ببیان المحقق الإصفهانی … ص: 380
:«1» أمّا علی القول بالبساطۀ، فمطلبه نفس ماذکره المیرزا، لکن بتقریب آخر، قال
إنّه لا تتصوّر البساطۀ فی المشتق- وهو مبنی المحقق الدوانی- إلّابأنْ یلحظ المبدء فیه من شئون الذات وأحد مراتب وجودها- وذلک
ماذکرناه من قبل، من أن المبدء تارةً: یلحظ فی قبال الذات، فیکون المصدر کالضرب، ولا یقبل الحمل علیها، واخري: یلحظ من
و « الضرب » شئون الذات وأطوارها ومراتب وجودها فیکون اسم الفاعل کالضارب، ویقبل الحمل علیها ویتّحد معها، فلا فرق بین
إلّاباللّحاظ، فإنْ لوحظ علی النحو الأوّل فهو المبدء، وإنْ لوحظ علی النحو الثانی فهو المشتق- وإذا لوحظ کذلک، دار « الضارب »
أمره بین الوجود والعدم، ولا جامع بینهما، فلا یمکن وجود الجامع بین المتلبّس ومن انقضی عنه التلبّس.
__________________________________________________
.131 / 1) نهایۀ الدرایۀ 1 )
ص: 381
وأمّا علی القول بالترکّب، فاستدلاله یختلف عمّا ذکره المحقق النائینی، قال:
کما علیه « من کان له الفعل » کما علیه العلّامۀ فی (تهذیب الاصول)، وإمّا « مَن حَ َ ص لَ منه الفعل » إنّ مدلول المشتق بناءً علیه إمّا
صاحب (الفصول)، مع إهمال النسبۀ بین المبدء والذات، وکیف کان، فیرد علیه:
أوّلًا: إن لازم ذلک صدق المشتق علی من سیتلبّس بالمبدء حقیقۀً، لأن النسبۀ المهملۀ تصدق علی الجمیع، مع اتّفاقهم علی أنه مجاز
ولیس بحقیقۀ.
وثانیاً: إن حقیقۀ النسبۀ لیس إلّاالخروج من العدم إلی الوجود، فخروج المبدء من العدم إلی الوجود هو النسبۀ، وهو عین الفعلیّۀ، فلا
یتصوَّر وجود جامعٍ ولا یعقل الوضع للأعم.
النظر فی مناقشۀ السیّد الخوئی … ص: 381
عن استدلال استاذه النائینی، لأجل إثبات الإمکان بناءً علی الترکّب، بما حاصله: إنه لا حاجۀ إلی «1» ( وقد أجاب فی (المحاضرات
فإنه ،« أحدهما » کون الجامع بین المتلبّس ومن انقضی عنه المبدء جامعاً حقیقیّاً، لیرد علیه ماذکر، بل یکفی الجامع الإنتزاعی، کعنوان
ویکون کلٌّ « أحدهما » ممکن، بأنْ یلحظ الواضع الذات المتلبّسۀ بالمبدء، والذات التی انقضی عنها المبدء، وینتزع منهما جامعاً هو
منهما مصداقاً له، وذلک، لأن حقیقۀ الوضع هی الحکم وهو اعتبارٌ لا غیر، فکما یمکن جعل الوجوب مثلًا للجامع الإنتزاعی، بأن یکون
صفحۀ 191 من 205
فکذا وضع اللّفظ للجامع الإنتزاعی بین المتلبس وما انقضی عنه التلبس بالمبدء. ،« أحد الامور الثلاثۀ » الواجب
__________________________________________________
(1)
.264 / محاضرات فی اصول الفقه 1
ص: 382
وأمّا بناءً علی البساطۀ، فإن أصل المبنی باطل، إذ المشتق مرکّب لا بسیط.
وإلی هذا یعود ما أجاب به فی (المحاضرات) عن بیان المحقق الإصفهانی.
وأورد علیه شیخنا دام ظلّه:
بأنَّ هذا الجواب غیر صحیح، لأن المیرزا وإنْ جوّز- فی بحث الواجب التخییري- جعل الوجوب علی أحد الامور، کما فی خصال
الکفّارة، إلّاأنه قال بأنه خلاف ظواهر الأدلَّۀ.
أمّا هنا، فله أن یقول: إنّ حکمۀ الوضع هی الدّلالۀ علی المعانی والتفهیم بإحضار المعانی بواسطۀ الألفاظ عند الأذهان، فلو کان
الجامع بین الحصّتین، لکان هذا المعنی هو الآتی إلی الذهن، إذ من المحال أنْ یوضع « أحدهما » المشتق موضوعاً حقیقۀً لعنوان
المشتق لهذا المعنی من دون أن یکون له حکایۀ عنه، مع أنّ هذا العنوان لا یحضر إلی الذهن من المشتق، کالعالم والضارب وغیرهما.
فإن قیل: إن الموضوع هو مصداق أحدهما وواقعه، لا المفهوم.
قلنا: هذا خلاف نصّ کلام المستشکل، لأنه یقول بالجامع الإنتزاعی، ولیس فیه ذکرٌ لواقع الجامع الإنتزاعی، وأیضاً، هذا خلف، لأنّ
فردٌ، فیکون الموضوع له « واقع أحدهما » مورد البحث عند کافّۀ العلماء هو: هل الموضوع له الح ّ ص ۀ أو الأعم؟ فالموضوع له عامّ، و
خاصّاً.
التحقیق فی الجواب … ص: 382
قال شیخنا دام بقاه: والتحقیق فی الجواب أن یقال: أمّا علی البساطۀ
ص: 383
فغیر ممکن کما قالا، لأنَّ الموضوع له بناءً علیه هو نفس المبدء والمادّة، فلا یتصوّر فیه المتلبّس وما انقضی عنه، وتصویر المحقق
العراقی بأن الموضوع له هو المادّة المنتسبۀ، مخدوش بأنه خروج عن البساطۀ ورجوع إلی الترکّب.
إذاً، لا یجري النزاع فی المشتق بناءً علی هذا القول.
وأمّا بناءً علی القول بالترکّب، فتارةً: نقول بأنه یوجد لمدلول هیئۀ المشتق- الذي هو عبارة عن النسبۀ- له قدر مشترك وجامع،
واخري: نقول بأنه معنیً حرفی، والمعنی الحرفی لا جامع له إلّاالجامع العنوانی، وموطنه الذهن.
فبناءً علی الثانی، لا یمکن تصویر الجامع، لأن الموضوع له حینئذٍ خاص، ولا یعقل أن یصیر جامعاً بین النسبتین، إذن، یسقط البحث.
أمّا بناءً علی الأوّل- والقول بأنّ الوضع فی الحروف عام والموضوع له عام کذلک- فإنّه یصوَّر وضع هیئۀ المشتق للأعم، وعلیه، یمکن
تصویر الجامع، لأنا فی هذا المقام لا نحتاج إلّاإلی ذاتٍ تنطبق علی کلتا الحصّتین- المتلبّس وما انقضی عنه-، وهو الذات المبهمۀ من
جمیع الجهات إلّامن حیث الإتّصاف بالمبدء، أي الإتّصاف به الموصوف بالوجود، فی قبال الذات التی لم تتّصف بالمبدء أصلًا،
لوضوح أن هناك ذاتاً لم تتّصف بالعلم أصلًا، وذاتاً اتّصفت وزال عنها العلم، وذاتاً اتّصفت به وما زالت متلبّسۀً به، فالذات التی تنطبق
علی الحصّتین- الثانیۀ والثالثۀ- هی الجامع الموضوع له المشتق، أي: الذات التی هی فی قبال التی لم تتّصف أصلًا.
إن تصویر هذا بمکانٍ من الإمکان، ولا یترتب علیه أيّ محذور ثبوتی.
صفحۀ 192 من 205
وقوله: إنه لیس الجامع إلّاالزمان، فی غیر محلّه، لعدم الحاجۀ إلی
ص: 384
الزمان بالنظر إلی ماذکرناه.
هذا فیما یتعلَّق بکلام المیرزا رحمه اللَّه.
والعمدة ماذکره المحقق الإصفهانی رحمه اللَّه.
فأمّا إشکاله الأوّل، وهو أنّه إذا کانت النسبۀ مهملۀ وجب الصدق علی من سیتلبّس بالمبدء فی المستقبل. فیجاب عنه: بأنّ النسبۀ متعیّنۀ
من تلک الجهۀ، وإهمالها هو من الجهتین الاخریین، ولیس الإهمال من جمیع الجهات.
وأمّا إشکاله الثانی، وهو أن حقیقۀ النسبۀ هو الخروج من العدم إلی الوجود، وهذا عین الفعلیّۀ. فیجاب عنه: إنه لا ریب فی وجود
وما شابه ذلک، مع أنّ الإمتناع والعدم ونحوهما یستحیل خروجها إلی الوجود، کما أنّ الخروج من « المعدوم » و « الممتنع » النسبۀ فی
العدم إلی الوجود لا معنی له فی المجرّدات، مع وجود النسبۀ فیها کما هو واضح، ولا وجه للإلتزام فی هذه الموارد بالمجاز…
فظهر بما ذکرنا … أن المقتضی ثبوتاً موجود.
الجهۀ الثانیۀ … ص: 384
ویقع الکلام فی الإثبات:
بعد تصویر الجامع فی مقام الثبوت، والمراد منه هو الجامع القابل للإثبات العرفی، فإنْ قام الدلیل فی مقام الإثبات علی الوضع
لخصوص الصحیح أو الأعم فهو، وإلّا کان الکلام مجملًا والمرجع هو الأصل.
وفی هذه الجهۀ أقوال، وعمدتها قولان:
-1 الوضع لخصوص المتلبّس مطلقاً.
ص: 385
-2 الوضع للأعم من المتلبّس وما انقضی عنه التلبّس مطلقاً.
وسائر الأقوال تفصیلات:
کالتفصیل بین ما إذا کان المشتق محکوماً به أو محکوماً علیه.
والتفصیل بین ما إذا کان المبدء فیه الملکۀ أو الحرفۀ أو الشأنیّۀ وما لیس من هذا القبیل.
ولم یتعرّض المحقّق صاحب (الکفایۀ) للتفصیلات، وهذا هو الصحیح، لأنّها ناظرة إلی مبدء الإشتقاق، وموضوع البحث- کما تقرّر
سابقاً- هو الهیئۀ، ولا أثر لاختلاف المواد.
وإلیک أدلّۀ القولین والتحقیق حولها:
أدلّۀ القول بالوضع للمتلبّس … ص: 385
اشارة
واحتجّ للقول بوضع المشتق لخصوص المتلبّس- وهو قول المشهور- بوجوهٍ، ذکر فی (الکفایۀ) ثلاثۀ منها:
-1 التبادر … ص: 385
صفحۀ 193 من 205
بدعوي أنَّ المتبادر والمنسبق إلی الذهن من المشتقّ، هو عبارة عن الحصّۀ المتلبّسۀ والصّورة التلبّسیۀ، ولا دخل فی تبادر هذا المعنی
منه لشیءٍ من خارج حاقّ اللّفظ، وهذا هو علامۀ الحقیقۀ.
وتقریب ذلک: أمّا من ناحیۀ الصّغري، فلأنّا نري انسباق هذا المعنی خاصّۀً من المشتق، علی جمیع المبانی فی الموضوع له فیه، من أنّه
الحدث لا بشرط، أو الحدث مع النسبۀ، أو الذات مع النسبۀ، أو الثلاثۀ معاً…
ونري أیضاً انسباقه منه فی جمیع صور استعمالاته، کأن یکون مفرداً
ص: 386
.« ضارب زید » أو ناقصۀ مثل « زید ضارب » أو یکون مضافاً إلی لفظٍ آخر، فی نسبۀٍ تامّۀ مثل « ضارب » مثل
فعلی جمیع الأقوال، وفی مختلف الترکیبات، لا یفید المشتق إلّامعنیً واحداً، وهو خصوص المتلبّس، ولا یتبادر إلی الذهن منه غیره…
فیکون هو الموضوع له حقیقۀً.
وأمّا من ناحیۀ الکبري، فمناط دلیلیّۀ التبادر هو: أن انسباق المعنی من اللَّفظ أمر حادث، فلا یکون بلا علّۀٍ، فإنْ کانت العلّۀ هی القرینۀ،
فالمفروض عدمها، وإن کان الوضع الواقعی، فالوضع کذلک لیس بعلّۀٍ وإلّا لزم حصول التبادر عند الجاهل بالوضع، وبعد بطلان کلا
الشقین، ینحصر الأمر بالعلم بالوضع، ولا فرض آخر.
والحاصل: أنا کلّما غیّرنا موقع استعمال المشتق، وجدنا تبادر المعنی منه، بلا فرق، ممّا یدلّ علی عدم استناد الإنسباق إلی أمرٍ خارجٍ
من قرینۀٍ أو غیرها … وإنما یستند إلی الوضع فقط.
هذا تقریب الإستدلال بالتبادر، وإنّ مراجعۀ الکتب اللّغویّۀ فی اللّغات المختلفۀ لتؤیّد هذا المعنی، لأن مدالیل الهیئات لا تختلف فی
فی سائر اللّغات هو خصوص المتلبّس بالعلم، وهکذا غیره من المشتقات… « العالم » اللغات، والمتبادر من
لکنْ لابدَّ من إثبات کون هذا الإنسباق من حاق اللَّفظ، ولا یتم ذلک إلّا بدفع شبهتین:
(الشبهۀ الاولی) هی: إن المطلوب هو تبادر المعنی وانسباقه من حاقّ اللّفظ، وذلک علامۀ الحقیقۀ، ولکنه قد ینشأ من الإطلاق، بمعنی
أنه کلّما
ص: 387
یستعمل اللّفظ الفلانی خالیاً عن القیود یستفاد منه المعنی الفلانی، أو بمعنی أنّ کثرة استعماله فی ذاك المعنی یوجب انسباقه منه،
فلعلّ کثرة استعمال المشتق فی المتلبّس هی السبب فی انسباق خصوص ،«1» ( وهذا هو المستفاد من کلام المحقق صاحب (الکفایۀ
هذا المعنی منه إلی الذهن، فی کلّ موردٍ اطلق فیه المشتق.
وإذا جاء إحتمال استناد الإنسباق إلی أمرٍ خارجٍ، سقط الإستدلال بالتبادر علی المدّعی.
وقد أجاب فی (الکفایۀ) عن هذه الشّبهۀ بأنّ استعمال المشتق فی الأعمّ، إن لم یکن أکثر منه فی المتلبّس، فلیس بأقل، فالتبادر هنا من
حاقّ اللّفظ لا من الإطلاق، لأنّ التبادر الإطلاقی إنما هو حیث یکون الإستعمال فی أحد المعنیین کثیراً وفی الآخر نادراً.
فوقع فی إشکال آخر، وذلک أن ما اعترف به من کثرة استعمال المشتق فی المعنی المجازي، أي الأعم، علی حدّ استعماله فی المعنی
الحقیقی- إنْ لم یکن أکثر- لا یتلائم مع حکمۀ الوضع المقتضیۀ لاستعمال اللَّفظ فی المعنی الحقیقی الموضوع له، وبالمنافاة بین کثرة
المجاز کذلک وبین حکمۀ الوضع، یستکشف عدم وجود کثرة استعمال المشتق فی الأعم، بل هی فی خصوص المتلبّس، وحینئذٍ
یعود احتمال استناد التبادر والإنسباق إلی کثرة الإستعمال هذه، فیرجع الإشکال ویسقط الإستدلال.
فأجاب أوّلًا: إن مجرَّد الإستبعاد غیر ضائر بالمراد، أي الوضع
__________________________________________________
1) کفایۀ الاصول: 47 ط مؤسّسۀ آل البیت علیهم السلام، ذیل ارتکازیۀ التضاد، وهو الوجه الثالثمن وجوه الإستدلال للقول الأوّل. )
صفحۀ 194 من 205
ص: 388
لخصوص المتلبّس.
« جاء الضارب » وثانیاً: إنما یلزم غلبۀ المجاز، لو لم یکن استعماله فیما انقضی بلحاظ حال التلبّس، مع أنه بمکانٍ من الإمکان، فیراد من
- وقد انقضی عنه الضرب-: جاء الذي کان ضارباً قبل مجیئه حال التلبس بالمبدء، لا حینه بعد الإنقضاء لکی یکون الإستعمال بلحاظ
هذا الحال وجعله معنوناً بهذا العنوان فعلًا بمجرّد تلبّسه قبل مجیئه، ضرورة أنه لو کان للأعم لصحّ استعماله بلحاظ کلا الحالین…
وأفاد الاستاذ دام ظله بعد أن شرح هذا الکلام: بأنه علی هذا أیضاً یعود الإشکال، لأنّه لمّا صار الإستعمال فیما انقضی بلحاظ التلبّس
قلیلًا، وفی المتلبّس کثیراً، رجع احتمال کون التبادر والّانسباق ناشئاً من کثرة الإستعمال فی المتلبّس، ومن هنا ذکر المحققون من
المحشّین علی (الکفایۀ) من تلامذته أن حاصل کلامه تسجیل الإشکال علی نفسه.
وأمّا ماذکره من أنّ کثرة الإستعمالات المجازیّۀ غیر ضائر، ففیه: إنّه إذا کان اللّفظ یستعمل فی معانی مجازیۀ متعددة، فهذا لا إشکال
للحیوان المفترس ثم « الأسد » فیه ولا ینافی حکمۀ الوضع، لکنّ کثرة الإستعمال المجازي فی مقابل المعنی الحقیقی، کأنْ یوضع لفظ
یستعمل- فی الأکثر- فی الرجل الشجاع، فهذا ینافی حکمۀ الوضع، وما نحن فیه من هذا القبیل.
ثم قال الاستاذ:
والتحقیق فی المقام: إن التبادر علی قسمین: التبادر عند المستعلم، والتبادر عند أهل اللّسان، فإن کان المعیار هو القسم الأوّل، فإن
مجرَّد احتمال کونه ناشئاً من کثرة الإستعمال یسقطه عن الإعتبار، إلّاأنْ یحصل القطع بعدم
ص: 389
دخل کثرة الإستعمال فی التبادر، لکنّ حصول مثل هذا القطع بعید، ولو ارید التمسّک بأصالۀ عدم استناد التبادر إلی کثرة الإستعمال،
ولازمه کونه مستنداً إلی حاقّ اللّفظ، کان من الأصل المثبت، علی أنه معارض بأصالۀ عدم استناده إلی حاقّ اللّفظ.
وأما إن کان المعیار هو التبادر بالمعنی الثانی، وهو الصحیح، کما ذکرنا فی محلّه، فالإشکال مندفع، لسقوط احتمال استناد التبادر عند
أهل اللّسان إلی کثرة الإستعمال، لأنَّ سیرة العقلاء- فی استکشاف المعانی الحقیقیّۀ للألفاظ- قائمۀ علی الرجوع إلی أهل اللّسان
وأخذ المعانی منهم، فیرجعون إلی استعمالاتهم للَّفظ فی الموارد المختلفۀ والترکیبات المتفاوتۀ، فإذا رأوا ثبوت المعنی واطّراده وعدم
تغیّره بتغیّر الإستعمالات والحالات، وأنه هو الذي ینسبق إلی أذهانهم فی جمیع المقامات، حصل لهم الیقین باستناد المعنی إلی حاقّ
اللّفظ لا إلی شیء آخر.
فحلّ الإشکال یتمّ بأمرین:
أحدهما: أن الحجّۀ من التبادر ما کان عند أهل اللّسان، لا ما کان عند المستعلم.
والثانی: إن بناء العقلاء علی الرجوع إلی أهل اللّسان فی استکشاف المعانی الحقیقیّۀ للألفاظ، لا إلی المستعلمین.
فهذا هو الحلّ للإشکال، لا ماذکره صاحب (الکفایۀ) ومن تبعه، فافهم واغتنم.
(الشبهۀ الثانیۀ) هی: شبهۀ الأولویّۀ العقلیّۀ، وبیانها: إن الواضع لو کان قد وضع المشتق للأعم، فإنّ مناط وضعه له هو جهۀ التلبّس، إذ
لولاه لم یکن
ص: 390
وضع، غایۀ الأمر هو أن الأخصی یقول بأن الوضع لخصوص المتلبّس، والأعمی یقول: ذاك أصبح مناطاً والوضع للأعم منه، إذن،
یکون لصدق المشتق علی المتلبّس أولویّۀ عقلیّۀ بالنسبۀ إلی الأعم، ولعلّ هذه الأولویّۀ هی السّبب فی انسباق المتلبّس خاصّۀً، ومعه لا
یقین بکونه مستنداً إلی حاقّ اللّفظ، لیکون حجۀً.
قال شیخنا دام ظلّه:
صفحۀ 195 من 205
وهذا الإحتمال لا دافع له، إلّابأنْ یقال: بأن المهمّ- کما تقدّم- هو الرجوع إلی أهل اللّسان، لا إلی المستعلم، وإنه لیس فی ارتکازات
أهل اللّسان مثل هذه الأولویّۀ العقلیّۀ فی دلالات الألفاظ.
فیکون التبادر ناشئاً من حاقّ اللّفظ لا من غیره.
-2 صحّۀ السّلب … ص: 390
اشارة
و « القائم » قال فی (الکفایۀ) بعد التبادر: وصحّۀ السلب مطلقاً عما انقضی عنه، کالمتلبّس به فی الإستقبال، وذلک، لوضوح أن مثل
وما یرادفها من سائر اللّغات، لا یصدق علی من لم یکن متلبّساً بالمبادئ وإنْ کان متلبّساً بها قبل الجري « العالم » و « الضارب »
علیه « القاعد » والإنتساب، ویصحّ سلبها عنه، کیف؟ وما یضادّها- بحسب ما ارتکز من معناها فی الأذهان- یصدق علیه، ضرورة صدق
بحسب ما ارتکز لهما من المعنی، کما لا « القائم » و « القاعد » فی حال تلبّسه بالقعود بعد انقضاء تلبّسه بالقیام، مع وضوح التضادّ بین
یخفی.
وهذا الإستدلال لا یخلو من إبهام، فإنّ صحّۀ الحمل وصحۀ السّلب علی قسمین: صحّۀ الحمل والسّلب المفهومی، وصحّۀ الحمل
والسّلب
ص: 391
المصداقی. فصحّۀ الحمل المفهومی بالحمل الأوّلی علامۀ الحقیقۀ، وصحۀ السّلب کذلک علامۀ المجاز، وصحّۀ الحمل المصداقی
بالحمل الشائع علامۀ الحقیقۀ، ویقابله صحۀ السلب کذلک، فإنه علامۀ المجاز، والتقریر المذکور فی (الکفایۀ) وغیرها إنما هو صحۀ
نسلب عنه ذلک بماله من المعنی، ثم نقول: لو کان الموضوع « الضرب » الذي انقضی عنه « زیداً » السّلب بالحمل الشائع الصناعی، لأنّ
هو الأعم، لکان زید المنقضی عنه التلبس بالضرب مصداقاً له، إلّاأن صحّۀ سلب ذلک عنه دلیلٌ علی أنّ هذا الفرد لیس « الضارب » له
فیثبت أن الطبیعۀ غیر متحققۀ فیه، ویثبت أنه غیر موضوع له، بل هو المتلبّس فقط. « الضارب » مصداقاً لکلّی
هذا توضیح الاستدلال، وسیأتی تحقیق الحال فی ذلک عند النظر فی کلام المحقق الإصفهانی.
إشکال المحقق الرشتی وجواب الکفایۀ … ص: 391
ثم إنّ صاحب (الکفایۀ) تعرّض لإشکال المحقق الرشتی قائلًا: ثم إنه ربما أورد علی الإستدلال بصحۀ السلب بما حاصله: إنه إنْ ارید
بصحّۀ السلب صحّته مطلقاً فغیر سدید، وإنْ ارید مقیَّداً فغیر مفید، لأنَّ علامۀ المجاز هی صحۀ السّلب المطلق.
زید لیس » : توضیح الإشکال: إن الإهمال فی مقام الحمل والسلب غیر معقول، فإمّا أن نسلب المطلق، أو نسلب المقیّد، مثلًا: لمّا نقول
کان السلب المقیَّد غیر مفیدٍ للسلب المطلق، فلا یثبت الوضع « الآن » المقیَّد ب « الضارب » إن کان المسلوب هو « بضاربٍ الآن
لخصوص المتلبّس، فلعلّه لیس بضاربٍ الآن، لکنه ضارب، فهذا غیر مفید. وإن کان المسلوب هو
ص: 392
فی ظرف الإنقضاء، فهی دعوي بلا برهان، وهی « زید » بقولٍ مطلق عن « الضارب » المطلق، فهذا أوّل الکلام، لأنّا لا نسلب « الضارب »
غیر سدیدة.
وملخّصه: إنْ قلنا: زید غیر ضاربٍ مطلقاً، فهذا غلط، لأنه ضارب موجبۀً جزئیۀ، وإنْ قلنا: إنه الآن لیس بضاربٍ، فهذا نفی للأخص،
وهو لا ینفی الأعم فلا ینتفی الوضع له.
صفحۀ 196 من 205
لا یخرج عن ثلاثۀ أحوال، فإمّا هو « زید لیس بضاربٍ الآن » فی قضیّۀ « الآن » وقد أجاب المحقّق صاحب (الکفایۀ) بما توضیحه: إن قید
أي: زید الذي هو فی الآن غیر ضارب. « زید » أي: لیس زید ضارباً الآن. وإمّا هو قید المسلوب عنه وهو « الضارب » قیدُ المسلوب وهو
وإمّا هو قید السلب، أي: زید لیس الآن بضارب.
فعلی التقدیر الأوّل، تسقط صحۀ السّلب عن کونها علامۀً، ویتوجّه إشکال المحقق الرشتی، لأنه لیس بسلبٍ للضّارب المطلق عن زید.
غیر موضوع للأعم. « الضارب » أمّا علی التقدیرین- الثانی والثالث- فلا یرد إشکاله، بل یکون الحمل فیهما أمارةً علی أنّ
کلام المحقق الإصفهانی … ص: 392
وللمحقق الإصفهانی فی هذا المقام کلام دقیق، وحاصله: إنّ السّلب یعتبر تارةً: بالحمل الأوّلی الذّاتی، وهو السّلب المفهومی، واخري:
یعتبر بالحمل الشائع. فإنْ اعتبر بالحمل الأوّلی، کان اللّازم سلب ما ارتکز فی الأذهان أو تعارف فی عرف أهل اللّسان من المعنی
الجامع- لا من خصوص ما انقضی عنه المبدء، فإنّ سلبه لا یستدعی السلب عن الجامع- ویکون هذا السّلب علامۀ المجاز، وحیث أنه
بلحاظ المفهومین، فلا حاجۀ فیه إلی التقیید
ص: 393
بالزمان، کی یورد علیه بما ذکره المحقق الرشتی.
وإنْ اعتبر السّلب بالحمل الشّائع، فتارةً: یلحظ الزمان قیداً للسّلب، وهو علامۀ عدم الوضع للجامع، وإلّا لما صحَّ سلبه عن مصداقه فی
حینٍ من الأحیان، واخري: یلحظ المسلوب عنه فی حال الإنقضاء ویسلب عنه مطلقاً مطلق الوصف، وثالثۀ: یلحظ المسلوب فی حال
الإنقضاء فیسلب عن الذات مطلقاً، فإن ما لا أماریّۀ لصحّۀ سلبه هی المادّة المقیّدة، فإن عدم کونه ضارباً بضرب الیوم لا ینافی کونه
فعلًا ضارباً بضرب الأمس، بخلاف الهیئۀ المقیَّدة، فإنّ عدم کونه ضاربَ الیوم- ولو بضرب الأمس- ینافی الوضع للأعم.
فإذن، تصحُّ أماریّۀ صحۀ السلب مقیّداً للمجازیّۀ، سواء کان القید قیداً للسلب أو المسلوب أو المسلوب عنه.
وأمّا ماذکره المحقّق الرشتی- وسلّم به المحقق الخراسانی- من أن القید إنْ رجع إلی المسلوب- أي الضارب- فلا أماریّۀ، فإنّما یسلّم
به فیما إذا کان للوصف بلحاظ حال الإنقضاء فردان، فإنّ سلب أحد الفردین لا یستلزم سلب المطلق، لإمکان وجوده فی الفرد الآخر،
مع أنّ المدّعی کون الوصف فی حال الإنقضاء فرداً فی قبال حال التلبّس، فإنْ صحّ سلبه فی حال الإنقضاء فقد صحَّ سلبه بقولٍ مطلق،
لانحصاره فیه.
فیسقط إشکال المحقق الرشتی، وکذا تسلیم المحقق الخراسانی.
ثم جعل یردُّ علی المحقق صاحب (الکفایۀ) قائلًا:
ویکون أمارةً « زید » یمکن إرجاعه إلی المسلوب عنه « الآن » والتحقیق: عدم خلوص کلّ ذلک عن شوب الإشکال، لأنّه أفاد أن قید
علی المجازیّۀ فی الأعم، وکذا إنْ رجع إلی نفس السّلب، فقال المحقّق الإصفهانی: بأنّ
ص: 394
المسلوب عنه غیر قابل للتقیّد بالزّمان، لعدم معنیً لتقیّد الثابت وتحدّده بالزمان، فإنه مقدَّر الحرکات والمتحرّکات، وأما الثوابت « زیداً »
والجوامد فلا تقدَّر به حتی بناءً علی القول بالتجدّد فی الجوهر.
قال: وأمّا تقیید السلب، فغیر سدید، لأنّ العدم غیر واقع فی الزمان ولو کان مضافاً إلی شیء، لأنّ الزمان لیس مقداراً لکلّ موجودٍ مهما
.«1» « لیس » قیداً ل « الآن » کان، بل هو مقدار للموجودات التی فیها الحرکۀ والتصرّم، فلا یصحُّ جعل
رأي الشیخ الاستاذ … ص: 394
صفحۀ 197 من 205
هذا ما حقّقه المحقق الإصفهانی، فقال الاستاذ دام بقاه بعد تقریبه: لکن الإشکال فی أصل المبنی.
فأمّا الحمل الأوّلی فهو عبارة عن الإتّحاد بین الموضوع والمحمول مفهوماً، فهو إنما یوجب اتّحادهما فی المفهوم وإنْ کان بینهما تغایر
بالإجمال والتفصیل مثلًا، ولا یتکفّل کون اللّفظ فی المعنی حقیقیّاً أو مجازیّاً، وبعبارة اخري: إنه لا یرتبط بعالم اللّغۀ وکیفیّۀ الوضع
أصلًا، وإنّما یکون فی عالم المفاهیم والمعانی والموجودات، سواء کان هناك لفظٌ أو لا.
وأمّا الحمل الشائع، فهو ناظر إلی الإتّحاد الوجودي بین مفهومی الموضوع والمحمول، سواء وجد لفظٌ فی البین أو لا، کذلک.
وعلی الجملۀ، فإنّه صحّۀ الحمل وصحّۀ السلب یرتبطان بالمفاهیم بماهی مفاهیم، والحقیقۀ والمجاز یرتبطان بالمفاهیم بما هی مدالیل
للألفاظ، وما یرتبط بالمفاهیم بما هی لا یکون دلیلًا علی ما یرتبط بالمعانی بما هی
__________________________________________________
.199 -197 : 1) نهایۀ الدرایۀ 1 )
ص: 395
مدالیل للألفاظ.
والحاصل: إن الحمل یعطینا نتیجۀً عقلیّۀً لا لغویّۀ ووضعیّۀ.
وعلیه، یسقط هذا الوجه من الأساس.
-3 التضادُّ بین المفاهیم … ص: 395
وقد یقرَّر هذا وجهاً علی حده ویقال: لا ریب فی مضادّة ال ّ ص فات » : وهذا الوجه ذکره صاحب (الکفایۀ) کتتمّۀ للوجه الثانی، ثم قال
المتقابلۀ المأخوذة من المبادي المتضادّة علی ما ارتکز لها من المعانی، فلو کان المشتق حقیقۀً فی الأعمّ، لما کان بینها مضادّة بل
فلو کان ،« القاعد » مخالفۀ، لتصادقها فیما انقضی عنه المبدء وتلبَّس بالمبدء الآخر. فزید الذي کان قائماً ثم قعد یصدق علیه الآن عنوان
أیضاً، وکونه قائماً وقاعداً فی الآن الواحد اجتماعٌ للضدّین ارتکازاً، فهذا « القائم » المشتق حقیقۀً فی الأعم لصدق علیه الآن عنوان
التضادّ الإرتکازي یکشف عن أن صدق المشتق علی من انقضی عنه التلبس مجاز ولیس بحقیقۀٍ.
وفیه:
إن غایۀ ما یدلّ علیه هذا الوجه وقوع التضادّ علی أثر تبادر خصوص المتلبّس من المشتق، ولولا تبادره منه لما وقع، فلا یکون هذا
الوجه دلیلًا علی حدة، وإنما یتفرّع علی الوجه الأوّل.
هذه هی الوجوه التی احتجّ بها صاحب (الکفایۀ) وغیره من القائلین بالقول الأوّل، وعمدتها هو الوجه الأوّل، وقد عرفت اندفاع
الشبهات عنه، فالقول الأوّل هو المختار.
ص: 396
أدلّۀ القول بالوضع للأعم … ص: 396
اشارة
واحتجَّ للقول الثانی، وهو أن المشتق موضوع للأعم من المتلبس وما انقضی عنه، بوجوه کذلک:
الأوّل: التبادر … ص: 396
صفحۀ 198 من 205
فالمنسبق إلی الذهن من المشتق هو المعنی الأعم.
وفیه:
وهکذا غیره من المشتقات، نعم لهم أنْ ینکروا ذلک، « القائم » إن هذه الدعوي مردودة، إذ لا ریب فی انسباق القائم بالفعل من لفظ
وینتهی الأمر إلی الإجمال، أمّا دعوي تبادر الأعم، فغیر مسموعۀ أصلًا.
الثانی: عدم صحۀ السّلب … ص: 396
ونحوهما من أسماء المفاعیل، عمّن انقضی عنه المبدء، وإذا لم یصح فی اسم المفعول، « مضروب » و « مقتول » فلا یصح السّلب فی مثل
فلا یصح فی غیره من الهیئات.
والجواب:
إنه لا شبهۀ فی أنّ النسبۀ بین حیثیّۀ الصدور وحیثیّۀ الوقوع هی نسبۀ التضایف، فلا یمکن الإنفکاك بین صدور القتل من القاتل
حقیقۀً علی من « القاتل » مثلًا صادقاً علی من انقضی عنه التلبّس بالقتل وقوعاً علیه، لزم صدق « المقتول » ووقوعه علی المقتول، فإذا کان
لا یصدق إلّاعلی المتلبّس بالقتل بالفعل. « القاتل » انقضی عنه التلبّس بالقتل صدوراً منه، لکن
صادقاً علی من انقضی عنه التلبس، فذلک لأنّ المراد من المبدء فیه، أي القتل، معنیً آخر- غیر معناه الحقیقی- « المقتول » فإن کان
یکون
ص: 397
هو لأجل بقاء التلبّس بالمبدء بالمعنی « المقتول » التلبّس به باقیاً فی الحال ولو مجازاً، بأنْ یراد منه زهوق الرّوح، فعدم صحّۀ السلب فی
المذکور فعلًا.
أقول: قد یقال: إن هذا مصادرة بالمطلوب، لأن دعوي عدم صدق اسم الفاعل علی غیر المتلبّس حقیقۀً، موقوفۀ علی تبادر المتلبّس
خاصّۀً من المشتق، وهذا أوّل الکلام.
ص: 397 «… لَا یَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِینَ » : الثالث: قوله تعالی
علی عدم لیاقۀ من عبد صنماً أو وثناً لمنصب الإمامۀ « لَا یَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِینَ » : والوجه الثالث: إستدلال الإمام علیه السلام بقوله تعالی
والخلافۀ، تعریضاً بمن تصدّي لها ممّن عبد ال ّ ص نم، ومن الواضح توقّف ذلک علی کون المشتق موضوعاً للأعم، وإلّا لما صحَّ
التعریض، لانقضاء تلبّسهم بالظلم وعبادتهم للصنم، حین التصدّي للخلافۀ.
قاله صاحب (الکفایۀ) قدّس سرّه.
جواب صاحب الکفایۀ … ص: 397
وأجاب عنه بما ملخَّصه: إنّ العناوین الواقعۀ موضوعاتٍ للأحکام الشرعیّۀ علی ثلاثۀ أقسام:
(أحدها) أنْ یکون أخذ العنوان لمجرّد الإشارة إلی ماهو فی الحقیقۀ موضوع الحکم، لمعهودیّته بهذا العنوان، من دون دخلٍ لاتّصافه
« الکون فی المسجد » به فی الحکم أصلًا، کأن یقول: أکرم من فی المسجد، إذا کان موضوع الحکم ذوات الأشخاص، وکان عنوان
عنواناً مشیراً إلیهم.
(ثانیها) أنْ یکون لأجل الإشارة إلی علیّۀ المبدء للحکم، مع کفایۀ
ص: 398
صفحۀ 199 من 205
مجرّد صحّۀ جري المشتق علیه، ولو فیما مضی، کما فی قوله تعالی:
«1» « السَّارِقُ وَالسَّارِقَۀُ فَاقْطَعُواْ أَیْدِیَهُمَا »
«2» « الزَّانِیَۀُ وَالزَّانِی فَاجْلِدُوا » : وقوله تعالی
حیث أنّ نفس حدوث السّرقۀ والزنا علّۀ لترتّب الحکم، ولا دخل لبقائهما فیه.
(ثالثها) أنْ یکون لأجل الإشارة إلی علیّۀ المبدء للحکم، مع عدم کفایۀ مجرّد صحّۀ جري المشتق فیما مضی، بل یکون الحکم دائراً
مدار صحّۀ الجري علیه واتّصافه به حدوثاً وبقاءً، کما فی دوران حکم وجوب التقلید مدار وجود الإجتهاد- مثلًا- حدوثاً وبقاءً، وعدم
کفایۀ وجوده حدوثاً فی بقاء الحکم.
قال فی (الکفایۀ): إذا عرفت هذا فنقول: إن الإستدلال بهذا الوجه، إنما یتم لو کان أخذ العنوان فی الآیۀ الشریفۀ علی النحو الأخیر،
ضرورة أنه لو لم یکن المشتق للأعمّ لما تمّ بعد عدم التلبّس بالمبدء ظاهراً حین التصدّي، فلابدّ أن یکون للأعمّ لیکون حین التصدّي
حقیقۀً من الظالمین ولو انقضی عنه التلبس بالظلم. وأما إذا کان علی النحو الثانی فلا، کما لا یخفی، ولا قرینۀ علی أنه علی النحو
الأوّل، لو لم نقل بنهوضها علی النحو الثانی…
قال شیخنا الاستاذ: فقد وافق صاحب الکفایۀ علی ابتناء الإستدلال بالآیۀ علی بحث المشتق، لو کان أخذ العنوان فیها علی النحو الثالث.
جواب المیرزا النائینی … ص: 398
لکنّ جواب المحقق النائینی أدقّ من الجواب المزبور وهو: إن عنوان
__________________________________________________
. 1) سورة المائدة: 38 )
. 2) سورة النور: 2 )
ص: 399
المأخوذ فی الآیۀ المبارکۀ، قد أخذ فی الموضوع بنحو القضیّۀ الحقیقیّۀ، فهو علّۀ للحکم ولیس بعنوانٍ مشیر، ویکون تحقّقه « الظالم »
دخیلًا فی الحکم، فکلّ من تحقّق منه الظلم وتلبّس به فلا یکون أهلًا لأنْ تناله الإمامۀ، فلا ارتباط لاستدلال الإمام علیه السلام بالآیۀ
بالنزاع فی المشتق، وإنما یبتنی علی کیفیّۀ دخل العنوان وعلیّته للحکم، وأنه هل یکفی حدوث التلبّس بالظلم لعدم النیل أو یعتبر معه
بقاء التلبّس؟
نعم، لو کانت القضیّۀ خارجیّۀ لا حقیقیّۀ، کان للنزاع حول المشتق مجال فیها، لأن الحکم فی القضیّۀ الخارجیّۀ یتوجّه إلی الأفراد
المحقّقۀ الوجود، فإن کان المشتق حقیقۀً فی الأعم وقع النزاع فی شمول الحکم لمن انقضی عنه التلبس بالمبدء، فمن انقضی عنه
التلبّس بالعلم، یبتنی شمول الحکم بوجوب إکرام العلماء وعدم شموله له، علی النزاع فی مسألۀ المشتق.
ولو تردّد الأمر فی القضیّۀ الحقیقیّۀ بین کفایۀ حدوث التلبّس وعدم کفایته بل یعتبر البقاء أیضاً، فمقتضی الأصل الأوّلی هو أن حدوث
العنوان دخیل فی حدوث الحکم وبقاؤه دخیل فی بقائه، إلّاإذا قامت القرینۀ علی خلافه، وقد دلَّت القرینۀ فی آیۀ السرقۀ، وآیۀ الزنا،
ونحوهما، علی کفایۀ حدوث التلبّس بالمبدء فی ترتّب الحکم وهو الحدّ.
کذلک، والقرینۀ فی هذه الآیۀ هی مناسبۀ الحکم والموضوع، وذلک عظمۀ مقام « لَا یَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِینَ » : والأمر فی قوله تعالی
وهو غیر لائق « إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِیمٌ » الإمامۀ وجلالۀ قدرها، ورفعۀ محلّها، فمن تلبّس بالشرك وعبادة الأوثان ولو آناً مّا فهو ظالم، و
لتصدّي الإمامۀ، حتّی لو لم نقل
ص: 400
صفحۀ 200 من 205
.«1» باشتراط العصمۀ فی الإمام، لتنفّر الناس منه، واستهانتهم به
ردّ الإعتراض علی الاستدلال بالآیۀ … ص: 400
ثم إنّه قد أورد علی الإستدلال بالآیۀ المبارکۀ علی عدم لیاقۀ من تقمّص الإمامۀ والخلافۀ بعد رسول اللَّه صلّی اللَّه علیه وآله وسلّم
لها، بروایۀ:
لکنه مردود سنداً ودلالۀً. ،« الإسلام یجبُّ ما قبله »
أمّا سنداً، فلأنّ الأصل فی روایۀ هذا الحدیث هو أحمد بن حنبل، فی قضیّۀ عمرو بن العاص، حیث قال عندما أسلم: فما الذي
.«2» یعصمنی من کفري؟ فقال صلّی اللَّه علیه وآله وسلّم الإسلام یجبّ ما قبله
.« الهجرة تجبّ ما قبلها » : وفی هذا الحدیث أیضاً
ودعوي انجبار ضعف السند بعمل الفریقین بهذا الخبر فی عدّة أبوابٍ من الفقه، کما تري، لأنَّ عمل العامّۀ لا یؤثّر فی خروج الروایۀ
عن الضعف، وأمّا عمل أصحابنا، فقد ذهب صاحب (الجواهر) والمحقق الهمدانی وآخرون إلی أنه یجبر الضعف، إلّاأن التحقیق
علی أنَّ الکلام هنا فی الصغري، إذ یعتبر فی الجبر إحراز عملهم بالخبر واستنادهم فی الفتوي إلیه، ،«3» خلافه کما یُقرّر فی محلّه
وذاك أوّل الکلام، لوجود أخبار وأدلّۀ اخري فی تلک الأبواب.
__________________________________________________
.122 -121 / 1) أجود التقریرات 1 )
.199 -198 / 2) مسند أحمد بن حنبل 4 )
3) وسیأتی- إن شاء اللَّه- أن الأقوال فی المسألۀ ثلاثۀ: أحدها: إن عمل الأصحاب جابر وکاسر، وهوالمشهور وعلیه بعض مشایخنا، )
والثانی: إنه لا یجبر ولا یکسر، وعلیه السید الخوئی وبعض مشایخنا من تلامذته، والثالث: التفصیل فهو یکسر ولا یجبر، وعلیه الشیخ
الاستاذ دام بقاه.
ص: 401
وأمّا دلالۀً فبوجوه:
أوّلًا: إنّ ما یرفعه هذا الحدیث هو الحکم التکلیفی، وأمّا الحکم الوضعی فلا یرتفع، ولذا قال صاحب (الجواهر) بأن إسلام الکافر لا
یرفع الجنابۀ، بل یجب علیه الغسل من الجنابۀ، لأنها أمر وضعی، والحدیث لا یعمّ الوضعیّات، وهذا خیر شاهد علی ماذکرناه، ولا
یخفی أنّ شرطیّۀ عدم الظلم للتصدّي للإمامۀ، أو مانعیّۀ الظلم عن التصدّي لها، من الامور الوضعیّۀ.
وثانیاً: إنه علی فرض شمول حدیث الجب للوضعیّات، فلا ریب فی عدم شموله للتکوینیّات، وظاهر الآیۀ المبارکۀ أن عدم نیل الإمامۀ
الظالمَ أمر تکوینی، فمدلولها: أنّ الظالم قاصر ذاتاً عن أن تناله الإمامۀ والخلافۀ، فکأنّ اللَّه یقول لسیّدنا إبراهیم علیه السلام إن دعائک
لا یستجاب، لأنه یتنافی مع سنّۀ تکوینیّۀ، کأنْ یدعو الإنسان أنْ تنال یده الشمس … فالآیۀ المبارکۀ ترجع إلی أمرٍ عقلی، لا علاقۀ لها
«1» « لَن یَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَکِن یَنَالُهُ التَّقْوَي مِنکُمْ » : بالقضایا الإعتباریّۀ، فهی- من هذه الجهۀ- نظیر قوله تعالی
فعدم نیل لحم اضحیّۀ المشرك لیس أمراً اعتباریاً، بل هو للقصور الذاتی فیه.
وثالثاً: إنه- بغض النظر عن کلّ ماذکر- یستحیل جریان قاعدة الجبّ فی هذا المورد، لأن إبراهیم علیه السلام کان عالماً بما جاء فی
«2» « وَلَا تُخَاطِبْنِی فِی الَّذِینَ ظَلَمُواْ إِنَّهُم مُّغْرَقُونَ » : قضیّۀ نوحٍ علیه السلام من قوله تعالی له
وبعد ذلک یستحیل أن یطلب من اللَّه تعالی أن یجعل الإمامۀ فی المشرك الذي بقی علی شرکه، فیکون طلبه لخصوص من أسلم من
ذریّته وخرج عن الشرك،
صفحۀ 201 من 205
__________________________________________________
. 1) سورة الحج: 37 )
. 2) سورة المؤمنون: 27 )
ص: 402
وحینئذٍ فلو خصّص لما بقی للآیۀ مورد، خذ فاغتنم.
هذا تمام الکلام فی أدلَّۀ القولین.
المختار … ص: 402
وقد ظهر من مطاوي البحث أنّ المختار هو القول الأوّل، والدلیل الصحیح علیه هو التبادر، فإنّ خصوص المتلبِّس هو المنسبق إلی
الذهن من اللّفظ حیث یطلق وتوجد قرینۀ صارفۀ.
ثمرة البحث … ص: 402
کما ظهر من مطاوي البحث أنْ لا ثمرة لهذا النزاع، لکون القضایا هذه حقیقیۀً لا خارجیّۀ، فقضیّۀ النهی عن البول تحت الشجرة
المثمرة- مثلًا قضیّۀ حقیقیّۀ، والبحث فیها راجع إلی أنَّ کلَّ شجرٍ وجد واتّصف بأنه مثمر، فالبول تحته منهی عنه، فما لم یتحقّق وصف
الإثمار فلا یترتّب الحکم، فیرجع الأمر إلی نزاع آخر وهو أنّه: هل حدوث وصف الإثمار کاف لترتّب الحکم أو یشترط لترتّبه بقاء
الوصف أیضاً؟ وهذا غیر النزاع فی المشتق.
وآخر دعوانا أن الحمد للَّهرب العالمین، وصلّی اللَّه علیه محمّد وآله الطاهرین.
تم الجزء الأوّل ویلیه الجزء الثانی بعون اللَّه.
تعریف