گروه نرم افزاری آسمان

صفحه اصلی
کتابخانه
جلد چهارم
أدلّۀ القول بالامتناع … ص: 61







. مقدّمات صاحب الکفایۀ … ص: 61
اشارة
إنّ المشهور هو القول بامتناع اجتماع الأمر والنهی، قال فی (الکفایۀ) وهو الحق، وقد ذکر لتحقیق هذا القول وإثباته مقدّمات:
. المقدمۀ الاولی (التضادّ بین الأحکام …) ص: 61
اشارة
قال: لا ریب فی أنّ الأحکام الخمسۀ متضادّة فی مرتبۀ الفعلیّۀ ومرتبۀ التنجّز، أمّا التی قبل التنجّز والفعلیۀ فلا تضاد…
وهو- وإنْ لم یتعرّض هنا إلّالمرتبتین هما الإنشاء والفعلیۀ- یري أنّ لکلٍّ حکمٍ من الأحکام الخمسۀ أربع مراتب:
-1 مرتبۀ الملاك، وهی مرتبۀ المقتضی للحکم.
-2 مرتبۀ الإنشاء، وهی مرتبۀ جعل الحکم بنحو القانون.
-3 مرتبۀ التنجّز، وهی مرتبۀ البعث والزجر.
-4 مرتبۀ الفعلیۀ، وهی مرتبۀ وصول الحکم إلی المکلَّف وترتب الثواب أو العقاب.
صفحۀ 57 من 265
وقد ذکرنا ذلک سابقاً.
فالمقصود من هذه المقدّمۀ بیانُ وجود التضادّ فی المرتبتین: مرتبۀ التنجّز، فهناك تضادّ بین الطلب الجدّي للفعل والطلب أو الزجر
الجدّي للترك، ومرتبۀ الفعلیۀ ووصول الحکم إلی المکلَّف، فإنه یستحیل فعلیّۀ کلا الحکمین بالنسبۀ
ص: 62
إلیه … فالقول بالجواز یستلزم اجتماع الضدّین … فیکون الحکم کذلک تکلیفاً محالًا ولیس من التکلیف بالمحال … ولذا یقول: بأن
الاجتماع غیر جائز حتّی عند من یقول بجواز التکلیف بغیر المقدور وهم الأشاعرة، لأنّ الاستحالۀ ترجع إلی مرحلۀ التکلیف ولیست
فی مرحلۀ الامتثال، وهذا هو الفرق بین التکلیف المحال والتکلیف بالمحال.
إشکال المحقق الإصفهانی علی المقدمۀ الاولی … ص: 62
اشارة
إن حدیث تضادّ الأحکام التکلیفیۀ وإنْ کان مشهوراً لکنّه ممّا لا أصل له، لما تقرّر فی :«1» وقد أشکل علیه المحقق الإصفهانی فقال
محلّه من أن التضادّ والتماثل من أوصاف الأحوال الخارجیۀ للامور العینیّۀ، ولیس الحکم بالإضافۀ إلی متعلّقه کذلک، سواء ارید به
البعث والزجر الاعتباریّان العقلائیّان أو الإرادة والکراهۀ النفسیّان.
ثم أوضح ما ذکره علی المسلکین المذکورین فی حقیقۀ الأمر والنهی.
ومحصّل کلامه هو: إنّ حقیقۀ التضادّ عبارة عن التمانع بین الشیئین الموجودین المتعاقبین علی الموضوع الواحد، الواقعین تحت جنسٍ
قریب وبینهما غایۀ الاختلاف، کالسواد والبیاض المتعاقبین علی المحلّ الواحد، فإنّهما أمران وجودیان یجتمعان تحت مقولۀ الکیف
المحسوس لکنْ بینهما الاختلاف فی الغایۀ.
وعلی هذا، فالتضادّ من أوصاف الموجودات الخارجیۀ، وهی التی یتصوّر فیها التضادُّ، دون الأحکام التکلیفیۀ:
أمّا علی القول: بأن الأمر والنهی هما البعث والزجر الاعتباریّان، فلأنّ البعث
__________________________________________________
.308 / 1) نهایۀ الدرایۀ 2 )
ص: 63
ومن الواضح أن کلّاً منهما إنشاء خاص مرکّب ،« لا تغصب » وقوله « صلّ » والزجر عبارة عن المعنی الاعتباري المنتزع من قول المولی
ومن کیف نفسانی هو قصد ثبوت المعنی باللفظ، وهما قائمان بالمولی المنشئ ،« لا تغصب » ولفظ « صلّ » من کیف مسموع- وهو لفظ
لا بالفعل الخارجی القائم بالغیر، والأمر الاعتباري المنتزع أیضاً قائم به لا بغیره، ومقوّم هذا الأمر الاعتباري- وهو طرفه- لا یعقل أنْ
یکون الهویۀ العینیۀ القائمۀ بالمکلَّف، لأن البعث الحقیقی یوجد سواء وجدت الهویّۀ العینیّۀ من المکلَّف أو لا، ویستحیل أن یتقوَّم
الموجود ویتشخّص بالمعدوم بل ما لا یوجد أصلًا کما فی البعث إلی العصاة، وحینئذٍ یکون المتعلَّق المقوِّم لهذا الأمر الاعتباري
والمشخّص له هو الفعل بوجوده العنوانی الفرضی الموافق لُافق الأمر الاعتباري والمسانخ له (قال): فاتضح ممّا ذکرنا: أن البعث والزجر
لیسا من الأحوال الخارجیۀ، بل من الامور الاعتباریۀ، وأن متعلَّقهما لیس من الموجودات العینیۀ بل العنوانیۀ.
وأمّا علی القول: بأنّ الحکم عبارة عن الإرادة فی الوجوب والکراهۀ فی الحرمۀ، فقد ذکر وجوهاً لعدم التضادّ، لأن الإرادة والکراهۀ-
سواء التکوینیۀ أو التشریعیۀ- قائمتان بالنفس، لکنهما من الامور ذات التعلّق، والمتعلّق لهما عین وجود الإرادة والکراهۀ، وعلیه: فإنّ
صفحۀ 58 من 265
متعلَّقهما هو الوجود النفسانی للمراد والمکروه، لا الوجود الخارجی، وإلّا یلزم وجودهما بلا طرفٍ، وحینئذٍ، یکون متعلَّق الإرادة
وطرفها موجوداً بوجود الإرادة، وکذا الکراهۀ، ولمّا کانت الإرادة غیر الکراهۀ وبینهما تغایر، فکذلک بین المتعلَّقین لهما، فلا یجتمعان
فی واحدٍ، فلا تضاد، وهذا هو الوجه الأوّل.
الوجه الثانی: إن الإرادة أمر نفسانی- وکذلک الکراهۀ- ولا یعقل تعلّقها بالموجود الخارجی وإلّا یلزم انقلاب النفسانی خارجیّاً
والخارجی نفسانیاً، نعم،
ص: 64
الإرادة علّۀ لتحقّق الشیء فی الخارج، وهذا غیر أنْ یکون الخارج متعلّقاً لها، فلا ینبغی الخلط.
الوجه الثالث: إن طبیعۀ الشوق- بما هو شوق- لا تتعلَّق إلّابالحاصل من وجهٍ والمفقود من وجه، إذ الحاصل من جمیع الجهات لا جهۀ
فقدان له کی یشتاق إلیه النفس، والمفقود من جمیع الوجوه لا ثبوت له بوجهٍ کی یتعلَّق به الشوق، فلابدَّ من حصوله بوجوده العنوانی
الفرضی لیتقوم به الشوق، ولابدّ من فقدانه بحسب وجوده التحقیقی کی یکون للنفس توقان إلی إخراجه من حدّ الفرض والتقدیر إلی
حدّ الفعلیۀ … وحاصل هذا: أن الموجود الخارجی یستحیل أن یکون هو المتعلَّق للإرادة والکراهۀ، لکونه موجوداً من جمیع الجهات.
وهذه الوجوه جاریۀ فی الإرادة التکوینیۀ والتشریعیۀ معاً، غیر أنّ التکوینیۀ لا واسطۀ فیها بخلاف التشریعیۀ، إذ المراد صدور الفعل من
المکلَّف، والتکوینیۀ لا تتعلَّق بالمعدوم کما تقدَّم، بخلاف التشریعیۀ، فإنّها تتعلَّق بالفعل الذي یراد صدوره من المکلف.
رأي السید الخوئی … ص: 64
بعدم وجود التضادّ بین الأحکام أنفسها، بل هو فی مبدأ الحکم «1» ( ولِما ذهب إلیه المحقق الاصفهانی، قال تلمیذه فی (المحاضرات
وفی منتهاه. أمّا عدم وجوده بینها، فلأن البعث والزجر أمران اعتباریان ولا تمانع بین الاعتباریین.
لکنه فی مبدء الحکم وهو المحبوبیۀ والمبغوضیۀ، فإنهما لا یجتمعان فی الشیء الواحد، وکذا فی منتهی الحکم وهو مقام الامتثال، لأن
الفعل والترك لا یجتمعان.
__________________________________________________
(1)
.413 / محاضرات فی اصول الفقه 3
ص: 65
نظر الشیخ الُأستاذ … ص: 65
ثم إن الشیخ الأُستاذ بعد أنْ شرح کلام المحقق الاصفهانی رحمه اللَّه، أشکل علیه بعد بیان امور:
أولًا: إنه لیس المقصود من التضادّ فی هذه المقدّمۀ هو التضادّ الفلسفی، بل المراد التضادّ الاصولی، أي: إن اجتماع الأمر والنهی فی
الواحد ذي العنوانین مستحیل من جهۀ أنه بنفسه محالٌ، لا من جهۀ أنه من باب التکلیف بالمحال، ولیس البحث فی أن الوجوب
والحرمۀ هل یمکن اجتماعهما فی الموجود الخارجی أو لا یمکن.
وثانیاً: إن الأقوال فی حقیقۀ الحکم مختلفۀ، فقیل: الإرادة والکراهۀ، مع قید الإبراز وعدمه. وقیل: الطلب الإنشائی بالفعل أو بالترك، أو
الطلب والنهی الإنشائی، أو البعث والزجر الإنشائی، أو البعث والزجر الاعتباري، وقیل: الاعتبار المبرز لثبوت الفعل فی الذمّۀ ولحرمان
صفحۀ 59 من 265
المکلّف من الشیء.
ومختار المحقق الإصفهانی: إن حقیقۀ الحکم عبارة عن الدّاعی والزّاجر الإمکانی، فالمولی یحکم بداعی جعل الدّاعی الإمکانی للفعل
«1» « کُونُوا قِرَدَةً خاسِئینَ » وبداعی جعل الزّاجر الإمکانی عن الفعل، بخلاف الإنشاءات الامتحانیۀ والتعجیزیۀ ونحوها، فإنّ مثل
لیس بداعی جعل الدّاعی بل هو تعجیز.
زاجر له عن ذلک، وهکذا إنشاء یسمّی « لا تغصب » دعوة العبد إلی ال ّ ص لاة وتحریک له نحوها، وقوله « صلّ » فهو یري إن قوله
وهو فی مرحلۀ الإمکان، فإن کانت نفس العبد خالیۀ من موانع العبودیۀ، وصل الحکم إلی « الإنشاء » بالحکم، فالصّادر من المولی هو
مرحلۀ الفعلیۀ بالامتثال، وإلّا بقی فی مرحلۀ الإمکان والقوة.
__________________________________________________
. 1) سورة البقرة: الآیۀ 65 )
ص: 66
وثالثاً: إنه لا إهمال فی الواقع فی متعلَّقات التکالیف المولویۀ، بل المتعلَّق إما مطلق وإما مقیَّد، نعم، یمکن الإهمال فی مرحلۀ البیان
والإثبات، بأنْ لا یذکر المولی کلّ الخصوصیّات المقصودة فی المتعلَّق.
وبعد المقدّمات نقول بناءً علی مختاره فی حقیقۀ الحکم:
هو مطلق وجود الغصب، فهل إنّ متعلَّق الأمر- بعد « لا تغصب » هو صرف وجود ال ّ ص لاة، ومتعلَّق النهی فی « صلّ » إن متعلَّق الأمر فی
استحالۀ الإهمال- بالنسبۀ إلی الغصب مطلق أو مقیّد؟ لا ریب فی عدم تقیّد ال ّ ص لاة بالغصب لا بوجوده ولا بعدمه، أمّا عدم تقیّدها
بوجوده فواضح، وأمّا عدم تقیّدها بعدمه فلأنه لا بیان عن ذلک فی مقام الإثبات، إذ لم یقل صلّ فی غیر المکان المغصوب…
فال ّ ص لاة بالضرورة مطلقۀ بالنسبۀ إلی الغصب، وحینئذٍ، لابدّ وأن یکون لمثل هذا الأمر المطلق إمکان الداعویۀ فی نفس المکلَّف،
لینبعث نحو الإطاعۀ والامتثال لصرف وجود طبیعۀ الصّلاة، وإلّا یلزم الخلف.
هذا فی جهۀ الأمر.
وکذلک الکلام فی جهۀ النهی وتحریم الغصب، فلابد وأنْ یکون مطلقاً وأن یکون لهذا الإطلاق الشمولی إمکان إیجاد الداعی فی
نفس المکلَّف للانزجار، أي یکون له إمکان الزاجریۀ عن الغصب.
ثم إنه یقول: إنّ وحدة متعلَّق الأمر ومتعلَّق النهی لیست شخصیۀ بل هی وحدة طبیعیۀ، فالصّلاة طبیعۀ واحدة لا شخص واحد، وکذلک
الغصب … لکنّ السؤال هو: هل لهذه الطبیعۀ الواحدة- التی هی لا بشرط بالنسبۀ إلی الطبیعۀ الواحدة الاخري- إمکان الداعویّۀ نحو
جمیع مصادیقها أو لا؟ إنه لابدّ أنْ یکون للطبیعۀ المتعلَّق بها الحکم بنحو لا بشرط، إمکان الداعویّۀ إلی کلّ واحدٍ من
ص: 67
مصادیقها، وإلّا لم یعقل أن یجعل المطلق داعیاً أو زاجراً، لکنّ فعلیۀ إمکان داعویته بالنسبۀ إلی هذا الفرد- أيال ّ ص لاة فی المکان
المغصوب- مستحیلٌ، وإذا استحالت فعلیّته بسبب وحدة الوجود، استحال جعله، لأنّه فی مثل هذه الحالۀ یستحیل تحقق الداعی للمولی
للجعل…
وعلی الجملۀ، فإنه لا مجال للمحقّق الإصفهانی لإنکار الإطلاق، واشکاله علی (الکفایۀ) مندفع بناءً علی مختاره فی حقیقۀ الحکم…
وبهذا یظهر أنّ المورد من التکلیف المحال لا التکلیف بالمحال.
وهذا کلّه بناءً علی مختاره، وأمّا علی سائر المبانی فالأمر سهل.
أمّا علی القول، بأنَّ حقیقۀ الحکم هو الإعتبار المبرز وهو مختار (المحاضرات)، فالسؤال هو: هل المراد من الاعتبار المبرز مطلق
الاعتبار أو خصوص الاعتبار بداعی تحریک العبد نحو الفعل أو زجره؟ إن کان الأول، تمّ ما ذکره فی (المحاضرات)، لا سیّما وأن
صفحۀ 60 من 265
الاعتبار حفیف المؤنۀ، لکنّ محلّ الکلام هو الحکم الوجوبی أو التحریمی، والحکم لیس مطلق الاعتبار بل إنه الإعتبار المبرز بداعی
تحریک المکلّف نحو الامتثال أو بداعی زجره … وإذا کان کذلک توجّه علیه ما توجّه علی المحقق الاصفهانی.
ثم لا یخفی أنه إذا کان متعلَّق التکلیف صرف وجود الطبیعۀ، ففی ترخیص المکلَّف فی علی الفرد قولان، فقیل: إنه بحکم العقل،
فقد أفاد أن المطلوب من المکلّف صرف وجود الصّلاة وأنه مخیّر فی الإتیان بأيّ فردٍ « صلّ » وقیل: إنه بحکم الشرع، فلمّا قال المولی
من أفرادها … والسید الخوئی من القائلین بهذا القول، وعلیه، فإن الإشکال یکون آکد … لأنه أصبح مرخّصاً فی تطبیق الأمر بالصّلاة
علی الفرد المتّحد منها مع الغصب، وکذا فی تطبیق النهی عن الغصب،
ص: 68
لکنّ الترخیص فی التطبیق مع النهی عن الغصب محال … فاستحال أصل التکلیف، وأنّ التمانع موجود بین الحکمین.
وبما ذکرنا ظهر وجود التضادّ بین الحکمین، وأنه لیس فی المبدء والمنتهی فحسب.
إشکال السید البروجردي علی المقدمۀ الاولی … ص: 68
اشارة
إنّه وإنْ تسالموا علی التضاد بین الأحکام الخمسۀ لکنّ التحقیق خلافه، لأنّ الوجوب والحرمۀ :«1» وقال المحقق البروجردي ما حاصله
وغیرهما من الأحکام لیست من العوارض لفعل المکلّف، بل هی بحسب الحقیقۀ من عوارض المولی، لقیامها به قیاماً صدوریّاً.
نعم، للأحکام ثلاث إضافات لا یعقل تحقّقها بدونها، فإضافۀ إلی المولی، بالآمر والناهی، وإضافۀ إلی المکلَّف، ویتّصف بها بعنوان
المأمور والمنهی، وإضافۀ إلی المتعلَّق ویتّصف بها بعنوان المکلَّف به…
لکنّ الإضافۀ شیء والعروض شیء آخر، إذ لیس کلّ إضافۀ مساوقاً للعروض، فالحکم من عوارض المولی فقط، لصدوره عنه وقیامه
به قیام العرض بمعروضه، أمّا إضافته إلی المکلَّف والمتعلَّق فلیس من هذا القبیل، لعدم کونه ممّا یعرض علیهما خارجاً وعدم کونهما
موضوعین للأمر والنهی، بداهۀ أن العرض الواحد لیس له إلّاموضوع واحد … کیف، ولو کانا من عوارض المتعلَّق- وهو فعل
المکلَّف- لم یعقل تحقق العصیان أبداً، لأنه متوقف علی ثبوت الأمر والنهی، ولو کانا من عوارض الفعل الخارجی توقف تحقّقهما
علی ثبوت الفعل فی الخارج- ولو فی ظرفه لو سلّم کفایۀ ذلک فی تحقق العروض- وحینئذٍ، فکیف یعقل
__________________________________________________
.230 - 1) نهایۀ الاصول: 228 )
ص: 69
العصیان، إذ وجود المأمور به امتثال للأمر لا عصیان، فمن هنا یعلم أنهما لیسا من عوارض الفعل، بل من عوارض المولی وقد صدرا
عنه متوجّهین إلی الجمیع حتی العصاة، غایۀ الأمر أن لهما نحو إضافۀ إلی الفعل الخارجی أیضاً، إضافۀ العلم إلی المعلوم بالعرض.
فتلخّص: إنه لا یکون الوجوب والحرمۀ عرضاً للمتعلَّق حتی یلزم بالنسبۀ إلی الجمع اجتماع الضدّین، إذ التضاد إنما یکون بین الامور
الحقیقیّۀ، والعروض إنما یکون فی ناحیۀ المولی، وحینئذٍ، علی القائل بالامتناع إثبات امتناع أن ینقدح فی نفس المولی إرادة البعث
بالنسبۀ إلی حیثیّۀٍ حینئذٍ وإرادة الزجر بالنسبۀ إلی حیثیّۀ اخري متصادقۀ مع الاولی فی بعض الأفراد، وأنّی له بإثبات ذلک.
نظر الشیخ الُأستاذ … ص: 69
صفحۀ 61 من 265
وقد تعرّض شیخنا لهذا بعد النظر فی کلام المحقق الإصفهانی وقال: إنه بما ذکرنا یظهر ما فیه، لأن المقصود هو أن اجتماع الأمر
والنهی من التکلیف المحال لا التکلیف بالمحال، وإذا کان الحکم من عوارض المولی المکلِّف وأنه لا مانع من انقداح إرادة البعث
من الامور ذات الإضافۀ، فلا ینفکّان عن المبعوث والمبعوث إلیه، وعن المزجور عنه، « الزجر » و « البعث » والزجر فی نفس المولی، فإنّ
وحینئذٍ، کیف یجتمع الأمر والنهی؟
مضافاً إلی ما فی قوله من أن الحکم من عوارض المولی فقط، لکنْ له ثلاث إضافات وأنه یجوز أن یکون طرف الإضافۀ معدوماً کما
فی تکلیف العاصین.
وبیان الإشکال:
أولًا: إنه کما لا یمتنع کون الفعل المعدوم معروضاً للوجوب، کذلک لا یمکن کونه طرفاً للإضافۀ، ولو جاز وقوعه طرفاً لها جاز کونه
معروضاً له.
ص: 70
وثانیاً: إن الإضافۀ متقوّمۀ بالطرفین، فإن کان طرف الإضافۀ هو الفعل بوجوده العنوانی الذي فی الذهن، ففیه: إنه غیر صالح لأن یکون
طرفاً لها، لأنه موجود بعین وجود الحکم ومقوّم له. وإن کان الفعل الخارجی- کما صرّح به- ففیه: إنّ الخارج ظرف سقوط الحکم
فیستحیل أن یکون طرفاً للحکم.
هذا تمام الکلام فی المقدمۀ الاولی.
. المقدمۀ الثانیۀ (فی تعیین متعلَّق الحکم …) ص: 70
اشارة
قال: إنه لا شبهۀ فی أنّ متعلّق الحکم هو فعل المکلّف وما هو فی الخارج یصدر عنه وهو فاعله وجاعله، لا ما هو اسمه کما هو واضح
ولا ما هو عنوانه ممّا قد انتزع عنه، ضرورة أن البعث لیس نحوه والزجر لا یکون عنه.
وتوضیح ذلک:
إن العنوان عبارة عن المفهوم المنتزع من الشیء والمحمول علیه، وهو علی ثلاثۀ أقسام، لأنّه ینتزع تارةً: من الذات کالإنسانیۀ المنتزعۀ
من ذات الإنسان ذي الجنس والفصل، واخري: ینتزع من خارج الذات، وهذا علی قسمین، لأنّه تارةً: من الامور الخارجیۀ کالبیاض،
فإنه ینتزع منه الأبیض ویحمل علی الشیء، واخري: من الامور التی لا خارجیۀ لها، کالزوجیۀ المنتزعۀ من الزوج والرقیّۀ المنتزعۀ من
الرق والمغصوبیۀ المنتزعۀ من الغصب…
یقول المحقق الخراسانی: إنه لا شیء من هذه الأقسام بمتعلَّق للحکم، لأنَّ موطنها هو الذهن فقط، ولیس له وجود خارجی حتی یکون
حاملًا للغرض فیکون مطلوباً مبعوثاً إلیه.
کما أنّ متعلَّق الحکم لیس اسم الصّلاة، لعدم کونه المطلوب المبعوث إلیه، کما هو واضح.
إذن … لیس المتعلَّق إلّاالفعل الصادر من المکلَّف، وهو الصّلاة الخارجیۀ
ص: 71
والغصب، هما لا یجتمعان بعد ثبوت التضادّ بینهما.
فظهر أن کلامه یشتمل علی جهۀ نفی وجهۀ إثبات.
صفحۀ 62 من 265
إشکال المحقق الاصفهانی … ص: 71
قد مرّ فی مبحث تعلّق الأمر بالطبیعۀ أن الموجود الخارجی لا یقوم به الطلب، والإیجاد عین :«1» فأشکل علیه المحقق الإصفهانی قائلًا
الوجود ذاتاً وغیره اعتباراً، فلا فرق بینهما فی استحالۀ تعلّق الطلب بهما.
یقول رحمه اللَّه: إن الطلب أمر نفسانی، والأمر النفسانی لا یتعلَّق بالخارج، فما صدر خارجاً لا یتعلَّق به الطلب.
وأیضاً، فإنّه إذا کان متعلَّق الطلب إیجاد الطبیعۀ، فإن الإیجاد والوجود واحد حقیقۀً، فالموجود الخارجی لا یقوم به الطلب.
وحاصل کلامه: عدم صلاحیّۀ ما صدر لأنْ یکون متعلَّق الطلب.
ثم بیّن مختاره فی المتعلَّق فقال:
إنّ القوّة العاقلۀ کما لها قوّة ملاحظۀ الشیء وتصوّره بالحمل الأوّلی، بأنْ تدرك مفهوم الإنسان وهو الحیوان الناطق، کذلک لها قوة
ملاحظۀ الشیء بالحمل الشائع، فتلاحظ ال ّ ص لاة الخارجیۀ التی حیثیۀ ذاتها حیثیۀ طرد العدم وهی التی یترتب علیها الغرض، فیطلبها
ویبعث نحوها.
وحاصل کلامه: إن القوة العاقلۀ کما لها درك المفاهیم، کذلک لها درك الوجودات قبل وجودها، فال ّ ص لاة الملحوظۀ قبل الوجود
هی متعلَّق الأمر، لا مفهومها ولا الوجود الخارجی لها.
وتلخّص: إن المتعلَّق هو الوجود التقدیري للصّلاة، ولیس الوجود
__________________________________________________
.313 / 1) نهایۀ الدرایۀ 2 )
ص: 72
الخارجی کما ذکر فی (الکفایۀ)، بل هو معلول للطلب الذي تعلَّق بالوجود التقدیري.
إشکال السید الحکیم … ص: 72
فقال: قد تکرّر بیان أن الأفعال الخارجیّۀ لیست موضوعۀً للأحکام، فإن ظرف الفعل ظرف سقوط الحکم لا «1» وأشکل السید الحکیم
ثبوته، بل موضوعها الصّور الذهنیۀ الحاکیۀ عن الخارج بنحو لا تري إلّاخارجیۀ، فلذا یسري إلی کلٍّ منهما ما للاخري، فتري الصّور
الذهنیۀ موضوعات للغرض مع أن موضوعه حقیقۀً هو الخارجی، ویري الخارجی موضوعاً للحکم والإرادة والکراهۀ مع أنّ موضوعها
حقیقۀً هو نفس الصّورة.
دفاع الُأستاذ عن الکفایۀ … ص: 72
وقد دافع الأُستاذ عن کلام صاحب (الکفایۀ): بأن محطّ الإشکال قوله:
حیث توهّم أن المتعلَّق هو الفعل الصّادر، لکنّ کلامه فی بحث متعلَّق الأوامر والنواهی « فعل المکلَّف وما هو فی الخارج یصدر عنه »
یوضّ ح المراد ویرفع الإشکال، إذ ذکر هناك أنّ المتعلّق لیس: الطبیعۀ بما هی هی، لأنها لیست إلّاهی، فلا یعقل أن یتعلّق بها طلب
لتوجد أو تترك، ولیس المتعلَّق: ما هو صادر وثابت فی الخارج کی یلزم تحصیل الحاصل کما توهّم، بل إنه لابدّ فی تعلّق الطلب من
لحاظ الوجود أو العدم مع الطبیعۀ، فیلاحظ وجودها فیطلبه ویبعث إلیه کی یکون ویصدر منه…
فما ذکره هناك صریح فی عدم إرادة أنّ المتعلَّق هو الفعل الخارجی الحاصل حتی یرد الإشکال، بل المتعلَّق هو ما یلحظ قبل الطلب،
فیکون للفعل
صفحۀ 63 من 265
__________________________________________________
.370 / 1) حقائق الاصول 1 )
ص: 73
وجود لحاظی عند المولی، ثم یطلب ویراد صدوره من المکلَّف وإیجاده منه خارجاً … فلا مجال للإشکال المذکور بل مراده نفس
مراد المحقق الإصفهانی.
أقول:
هو فعل المکلَّف وما هو فی الخارج یصدر عنه… » : بل یمکن أن یقال باندفاع الإشکال بالتأمّل فی نفس کلامه فی المقام، لأنّه یقول
فإنّ تعبیره بالفعل المضارع ظاهر فی عدم کون المتعلَّق هو الفعل الصّادر وأن المراد طلب صدوره منه فیما بعد، وظهور الکلمۀ فی «
بمعنی أن الطالب یرید صدور الوجود » : هذا المعنی یکفی لعدم ورود الإشکال، وهذا هو الذي نصّ علیه- فی تلک المسألۀ- بقوله
.« من العبد
فتحصّل تمامیّۀ المقدمۀ الثانیۀ کذلک.
. المقدمۀ الثالثۀ (تعدّد العنوان لا یوجب تعدّد المعنون …) ص: 73
قال: لا یوجب تعدّد الوجه والعنوان تعدّد المعنون ولا ینثلم به وحدته…
توضیحه: هناك عنوان ومعنون لا یمکن اتّحادهما أبداً، مثل العلّۀ والمعلول، فلا یعقل الاتحاد بین النار والحرارة، ولا یعقل صدقهما
علی الشیء الواحد … وهناك تعدّد للعنوان لکن یمکن الإتحاد فی المعنون لهما، کما فی المحبّ والمحبوب، فإنّ الإنسان یحبّ
نفسه، فیقع الاتحاد بین العنوانین، وهناك مورد تکون العناوین متعدّدة لکن المعنون واحد … وهو الباري عزّ وجلّ، حیث المفاهیم
المتعددة والعناوین الکثیرة تصدق علیه وتحکی عنه وهو بسیط من جمیع الجهات…
إذن … لا یوجب تعدّد العنوان تعدّد المعنون … فیمکن تعدّد العنوان مع وحدة المعنون.
وهذه المقدمۀ لا بحث فیها.
ص: 74
. المقدمۀ الرابعۀ (لکلّ موجود بوجود واحد ماهیّۀ واحدة …) ص: 74
اشارة
قال: إنه لا یکاد یکون للوجود بوجود واحد إلّاماهیّۀ واحدة وحقیقۀ فاردة، فالمجمع وإنْ تصادق علیه متعلَّقا الأمر والنهی إلّاأنه کما
یکون واحداً وجوداً یکون واحداً ذاتاً (قال): ولا یتفاوت فیه القول بأصالۀ الوجود أو أصالۀ الماهیّۀ. ومنه ظهر عدم ابتناء القول بالجواز
والامتناع فی المسألۀ علی القولین فی تلک المسألۀ کما توهّم فی (الفصول).
قال: کما ظهر عدم الابتناء علی تعدّد وجود الجنس والفصل فی الخارج وعدم تعدّده، ضرورة عدم کون العنوانین المتصادقین علیه من
قبیل الجنس والفصل له.
توضیح ذلک: لقد نسب المحقق الخراسانی إلی صاحب (الفصول) القولَ بأنّ مقتضی مبنی أصالۀ الوجود هو الإلتزام، لأنه بناءً علیه
یمکن أن توجد ماهیّۀ ال ّ ص لاة وماهیّۀ الغصب بوجود واحد، وإذا کان کذلک لزم أن یکون الشیء الواحد متعلَّقاً للوجوب والحرمۀ
معاً، وأما بناءً علی أصالۀ الماهیّۀ، فإنّ وجود کلّ ماهیّۀ فی الخارج غیر وجود الاخري، وإذا حصل ماهیّتان جاز أن تکون احداهما
صفحۀ 64 من 265
متعلَّق الوجوب والاخري متعلَّق الحرمۀ ولا یلزم الاجتماع.
فأشکل علیه: بأنّ الوجود الواحد یستحیل أن یکون له ماهیّتان، وکذا العکس، فسواء قلنا بأصالۀ الوجود أو الماهیّۀ، فإنّ وحدة الوجود
تقتضی وحدة الماهیّۀ وهکذا بالعکس، ولا یتوهّم تنظیر ما نحن فیه بوحدة وجود الجنس والفصل، لأنّ نسبۀ الجنس إلی الفصل هو
نسبۀ القوّة إلی الفعل والماهیّۀ التامۀ إلی الناقصۀ، بخلاف ما نحن فیه، حیث الماهیّتان تامّتان ویستحیل تحقّقهما بوجودٍ واحد.
ص: 75
(قال) ولیس الصّلاة والغصب- مثلًا- من قبیل الجنس والفصل حتی تبتنی هذه المسألۀ علی وحدة وجودهما فی الخارج فیقال بالامتناع
أو تعدّدهما فیقال بالجواز، وذلک: لأنا نمنع القول بتعدّد وجودهما، لأنهما فی الحقیقۀ شیء واحد، والفرق بینهما لیس إلّامن حیث
التحصّل وعدم التحصّل. هذا أوّلًا. وثانیاً: لو سلّمنا التعدّد فیهما، فإنّ نسبۀ ال ّ ص لاة إلی الغصب لیس نسبۀ الجنس إلی الفصل، وإلّا لزم
أنْ لا توجد الصّلاة إلّامع الغصب کما لا یتحقق الجنس إلّامع الفصل.
. نتیجۀ المقدمات … ص: 75
اشارة
قال فی (الکفایۀ): إذا عرفت ما مهّدناه، عرفت أنّ المجمع حیث کان واحداً- وجوداً وذاتاً- کان تعلّق الأمر والنهی به محالًا ولو کان
تعلَّقهما به بعنوانین…
وحاصل کلامه بالنظر إلی المقدّمات المذکورة: إنّ المرکب لکلٍّ من الحکمین هو المعنون لا العنوان، وهو واحد مع تعدّد العنوان،
ووحدة المعنون هی فی الوجود والماهیّۀ معاً، هذا کلّه مع التضاد بین الأحکام … فیکون الشیء الواحد ذو الوجود الواحد والماهیۀ
الواحدة متعلَّقاً للأمر والنهی معاً، ویلزم اجتماع الضدّین، وهو محال، وما یلزم من المحال محال، فالاجتماع محال، والنتیجۀ هی
الامتناع.
نظر الُأستاذ … ص: 75
لکنّ المهمّ فی البحث هو قضیۀ وحدة المعنون وتعدّده، والنتیجۀ المطلوبۀ- أعنی الامتناع- موقوفۀ علی وجود الملازمۀ بین تعدّد
العنوان والمعنون، وقد تقدَّم فی بیان المقدّمات أنْ لا ملازمۀ، فقد یتعدّد العنوان ویستحیل تعدّد المعنون کما فی ذات الباري عز
وجل، وکما فی الجنس والفصل حیث أن الحیوان والناطق
ص: 76
مثلًا عنوانان ذاتیّان لکنّ المعنون لهما واحد وهو الإنسان … ولذا کان الترکیب بین الجنس والفصل اتحادیاً- علی التحقیق- لا
انضمامیّاً، وقد یکون أحدهما ذاتیّاً والآخر عرضیّاً، مثل الأکل والإفطار، لکنّ المعنون- وهو ازدراد الشیء- متّحد غیر متعدّد … وقد
یکون العنوانان أمرین انتزاعیین قد انتزعا من أمرین ذاتیین، کما إذا انطبق عنوان النور علی العلم والظلمۀ علی الجهل … فالمعنون
متعدّد…
والحاصل: إن الموارد مختلفۀ، فإنْ کان هناك ماهیّتان ووجودان بینهما تلازم اتفاقی لا دائمی وقلنا بعدم سرایۀ حکم أحد المتلازمین
إلی الآخر، کان القول بعدم الامتناع ضروریّاً.
صفحۀ 65 من 265
هذا هو کبري المطلب، ویبقی الکلام فی الغصب وال ّ ص لاة وأنهما من أيّ قسمٍ من الأقسام، وسیأتی إن شاء اللَّه، بعد ذکر أدلّۀ الجواز،
تبعاً لشیخنا فی الدورة اللّاحقۀ.
أدلّۀ القول بالجواز … ص: 76
اشارة
وقد استدلّ القائلون بالجواز بوجوه منها:
. الوجه الأوّل … ص: 76
ما حاصله: «2» والشیخ الأعظم «1» قال المحقق القمی
إن متعلَّق الأمر هو طبیعی الصّلاة ومتعلَّق النهی هو طبیعی الغصب،
__________________________________________________
.141 / 1) قوانین الاصول 1 )
. 2) مطارح الأنظار: 144 )
ص: 77
والطبائع متباینۀ، ویکون أفرادها مقدمۀ لتحقّقها. أمّا علی القول بعدم وجوب المقدّمۀ، فالأمر واضح، وأمّا علی القول بوجوبها، فإنّ
وجوب الفرد غیري ولا محذور فی اجتماع الواجب الغیري مع الحرمۀ الغیریّۀ.
وفیه:
أوّلًا: إنه سیأتی أن الغَصب عنوان انتزاعی من التصرّف فی مال الغیر بدون إذنه، فقد ینتزع من نفس الصّلاة حالکونها فی ملک الغیر،
فلم یغایر متعلَّق الأمر متعلَّق النهی.
وثانیاً: إن نسبۀ الفرد إلی الطبیعۀ لیست نسبۀ المقدّمۀ إلی ذیها، بل إن الطبیعی موجود بوجود الفرد.
وثالثاً: لو سلّمنا، فإنّ محذور اجتماع الضدّین موجود فی الواجب والحرام الغیریین کما هو فی النفسیین.
. الوجه الثانی … ص: 77
ضمن أربع مقدمات: «1» ( ذکره بعض المتقدمین، ونقّحه فی (المحاضرات
الاولی: إنّ الأمر- وکذا النهی- إذا تعلَّق بشیء فإنّه لا یتجاوز عن الشیء إلی ما یقارنه أو یلازمه، لأن المتعلَّق هو الذي یقوم به الغرض
من الأمر والنهی.
الثانیۀ: إن المتعلَّق هو الطبیعی، إلّاأنْ مقتضی ذات الطبیعۀ هو سرایۀ الحکم منها إلی الفرد، ولا علاقۀ لهذه السرایۀ بإرادة الآمر أو
الدالّ « کلّ » الناهی، فلو تعلَّقت إرادته بذلک لزم علیه الإتیان بما یدلّ علیه فی مقام الإثبات، کأن یقول: أکرم کلّ عالمٍ، فیأتی بلفظ
علی عموم الأفراد، لإفادة أن الحکم متوجّه إلیهم لا إلی طبیعی العالم.
__________________________________________________
.366 -365 / 1) محاضرات فی اصول الفقه 3 )
ص: 78
صفحۀ 66 من 265
الثالثۀ: إن الطبیعۀ اللّابشرط تتّحد مع البشرط، إلّاأنّ هذا الاتّحاد لا یوجب سرایۀ الحکم من الطبیعۀ إلی الشرط وکاشفیّتها عنه، فالرقبۀ
وهی لا بشرط عن الإیمان والکفر تتّحد مع الإیمان ولا تکون کاشفۀً وحاکیۀً عنه، کما أنّ الحکم المتعلَّق بالرقبۀ لا یسري إلی
الإیمان، فلا سرایۀ ولا حکایۀ، بل کلّ لفظٍ یکون حاکیاً عن مفهومه فقط…
الرابعۀ: إن متعلّق الحکم هو نفس الطبیعۀ- لا ما یصدر من المکلّف کما فی (الکفایۀ)- فلا دخل للوجود الذهنی ولا الخارجی فی
المتعلَّق، والطبائع متباینۀ کما تقدّم.
ونتیجۀ هذه الامور:
إنّه لمّا کان المتعلَّق هو ما یقوم به الغرض ولا یتجاوزه إلی غیره، فال ّ ص لاة متعلَّق الأمر ولا یتجاوز الأمر إلی ما قارنها کالغصب، وکذا
العکس، ولمّا کان المتعلَّق هو الطبیعی ولا یسري الحکم عنه إلی أفراده، فإذا أمر بال ّ ص لاة فلا لحاظ لأفرادها حتی یتوجّه إلی منها
الواقع فی الدار المغصوبۀ. نعم، هذا السریان موجود بحکم العقل، وذاك أمر آخر. ولمّا کان الاتّحاد غیر موجب لسرایۀ الحکم من
طبیعۀٍ إلی اخري، ولا للکشف عنها، فلا حکایۀ لل ّ ص لاة المأمور بها عن الغصب المنهی عنه وبالعکس … فأین یکون الإجتماع بین
متعلَّق الأمر ومتعلَّق النهی
وفیه:
إنّه لا یخفی أنّ ملاك الامتناع هو التعارض بین الدلیلین، وإذا انتفی تحقّق ملاك الاجتماع، لکنّ التعارض قد یکون بالدلالۀ
المطابقیّۀ وبالدلالۀ الالتزامیۀ، واللازم قد یکون عقلیّاً فلا یقبل الانفکاك عن الملزوم، وإذا ثبتت هذه النقاط، فإنّ
ص: 79
الإطلاق، ولو فرض عدم لحاظ خصوصیّات الأفراد، لازمه- عقلًا- الترخیص فی التطبیق علی أيّ فردٍ یکون مصداقاً للطبیعۀ، هذا فی
جانب الأمر. أمّا فی جانب النهی، فإنّه الزجر عن جمیع الأفراد … فالخصوصیّات موردٌ للتعرّض عقلًا وإنْ لم تکن مورداً لتعلَّق الأمر
والنهی شرعاً، وحینئذٍ، یقع التمانع بین المدلولین العقلیین الالتزامیین اللذین لا یمکن الانفکاك بینهما وبین الملزومین لهما، فیمتنع
الاجتماع.
وبعبارةٍ اخري:
صحیح أنّ الإطلاق عبارة عن کون تمام الموضوع هو الطبیعۀ بلا لحاظٍ للأفراد والخصوصیّات وأنّه لا کاشفیۀ لها عنها، لکنّ جعل
الإطلاق البدلی- وهو الذي فی طرف الأمر- لا ینفک عقلًا عن لازمٍ هو الترخیص فی التطبیق، وجعل الإطلاقی الشمولی، وهو فی
طرف النهی، لا ینفکّ عقلًا عن لازم، هو الزجر عن جمیع مصادیق الغصب مثلًا، وحینئذٍ، یلزم التمانع بین اللّازمین فی محلّ الاجتماع
بینهما، وذلک یستلزم التمانع بین الملزومین، وقد تقدّم استحالۀ الانفکاك بین اللّوازم والملزومات العقلیّۀ، فلابدّ من رفع الید عن أحد
الإطلاقین أو کلیهما، وهذا یساوق الامتناع.
«1» وما ذکر
من أنّ الوجوب والحرمۀ عرضان قائمان بالنفس، وأن الخارج لیس بمعروضٍ للإرادة والکراهۀ والوجوب والحرمۀ، نظیر تعلّق العلم
والجهل معاً بالحیثیتین المتصادقین، فإنه أیضاً ممکن ولا یلزم منه محذور اجتماع الضدّین. فإذا تعلّق العلم بمجیء عالم غداً والجهل
بمجیء عادل، فاتفق مجیء عالم عادل، فوجود هذا المجیء من حیث أنه مجیء العالم معلوم، ومن حیث أنه
__________________________________________________
. 1) نهایۀ الاصول: 232 )
ص: 80
مجیء العادل مجهول، ومن المعلوم أنّ المعلومیۀ والمجهولیّۀ لیستا إلّا کالمحبوبیّۀ والمبغوضیّۀ والوجوب والحرمۀ، فلو کان اجتماع
صفحۀ 67 من 265
عنوانی الوجوب والحرام فی مجمع الحیثیّتین موجباً لاجتماع الضدّین، کان اجتماع عنوانی المعلومیۀ والمجهولیۀ فی مجیء العالم
العادل أیضاً کذلک. والحاصل: إن الوجوب والحرمۀ لم یجتمعا فی المتعلَّق کی یلزم المحذور، بل محلّ اجتماعهما هو نفس المولی،
ولا محذور، کما یجتمع فیها العلم والجهل، وقد اضیف الحکمان إلی الخارج کلٌّ إلی جهۀٍ کما فی العلم والجهل، ومع اختلاف
الجهتین لا یلزم محذور اجتماع الضدّین.
أکرم العالم ولا تکرم » : فقد تقدّم الإشکال فیه. وأمّا التنظیر بالعلم والجهل علی ما ذکر، فیرد علیه النقض: بأن لازمه أن یکون مثل
من باب اجتماع الأمر والنهی، فیما لو کان الرجل الواحد عالماً وفاسقاً معاً، لاختلاف متعلّقی الأمر والنهی، والحال أنه من باب « الفاسق
التعارض.
أمّا فی ،« العادل » والآخر بعنوان « العالم » وأمّا حلّ المطلب فهو: أن العلم والجهل وصفان لهما متعلَّقان متغایران، إذْ تعلّق أحدهما بعنوان
باب الأمر والنهی، فإن المفروض أن السید البروجردي یقول بوحدة المتعلّق، وهو الوجود الذهنی الحاکی عن الخارج والمرآة له،
فکیف یجتمع فیه الأمر والنّهی؟ وبعبارة اخري:
إن المفروض فی الأمر والنهی وحدة المتعلَّق وهو الوجود، بخلاف الحال فیالعلم والجهل، فإنّ متعلَّق الأوّل حیثیّۀ علم زید ومتعلَّق
الثانی حیثیّۀ عدالته، فقیاس ما نحن فیه بالعلم والجهل مع الفارق.
من أنّ قضیّۀ الوجدان کون جواز الاجتماع من أبده «1» وأمّا ما ذکره
__________________________________________________
. 1) نهایۀ الاصول: 233 )
ص: 81
البدیهیات، فإذا أمرت عبدك بخیاطۀ ثوبک ونهیته عن التصرّف فی فضاء دار الغیر، فخاط العبد ثوبک فی فضاء الغیر، فهل یکون
لک أن تقول له: أنت لا تستحق الاجرة لعدم إتیانک بما أمرتک؟ ولو قلت هذا، فهل لا تکون مذموماً عند العقلاء؟ لا واللَّه، بل تراه
ممتثلًا من جهۀ الخیاطۀ وعاصیاً من جهۀ التصرّف فی فضاء الغیر…
فی وجوه الاستدلال للقول بالجواز، وأجاب عنه- بعد المناقشۀ بأنه لیس من «1» فقد نقله صاحب (الکفایۀ) عن الحاجبی والعضدي
باب الاجتماع، ضرورة أن الکون المنهی عنه غیر متّحد مع الخیاطۀ وجوداً أصلًا- بأنّه لا یصدق إلّا أحد العنوانین، إمّا الإطاعۀ وإمّا
العصیان، ودعوي قیام السیرة من العقلاء علی استحقاق الاجرة مع تحقق المعصیۀ، أوّل الکلام.
. الوجه الثالث … ص: 81
اشارة
قائلًا بأن الترکیب بین المتعلّقین انضمامی- خلافاً لِما تقدَّم من أنه ترکیب اتحادي، إذ أنه یلزم الاجتماع ،«2» وذهب المیرزا إلی الجواز
بینهما فی الوجود- فهو یري أنّ متعلَّق الأمر یختلف ماهیّۀ ووجوداً عن متعلَّق النهی، غیر أنّ أحدهما منضمّ إلی الآخر فی الوجود.
وقد عقد لمسلکه مقدماتٍ، نتعرّض لما له دخل فی المطلب مع رعایۀ الاختصار:
الاولی:
__________________________________________________
.93 - 1) کفایۀ الاصول: 166 عن شرح المختصر فی الاصول 92 )
.160 -157 / 2) أجود التقریرات 2 )
صفحۀ 68 من 265
ص: 82
إن المعانی التی تفهم من الألفاظ- وبهذا الاعتبار تسمّی بالمفاهیم- تارةً تلحظ بما أنها مدرکات عقلیّۀ، واخري: تلحظ بما أنها منطبقۀ
علی مصادیقها فی الخارج، فاللّحاظ الأوّل موضوعی والثانی طریقی، وهی باعتبار الثانی معروضۀ لاحدي النسب الأربع.
والمفاهیم علی أربعۀ أقسام، لأن منها ما له بأزاء ومنها ما یکون انتزاعیّاً، والأول: إمّا یکون ما بأزائه فی الخارج کالسّماء والأرض، وإمّا
یکون فی عالم الاعتبار کالملکیّۀ والزوجیّۀ، والثانی: إمّا یکون منشأ انتزاعه فی الخارج کسببیّۀ النار للحرارة، وإمّا یکون فی عالم
الاعتبار، کسببیّۀ الحیازة للملکیّۀ.
فإن لوحظت هذه المفاهیم باللّحاظ الموضوعی، کانت النسبۀ فیما بینهما نسبۀ التباین، وإنْ لوحظت باللحاظ الطریقی وبما هی فانیۀ فی
الخارج، عرضت علیها النسب الأربع.
والمقصود من هذه المقدّمۀ هو: التعریض بنظریّۀ المحقق شریف العلماء، إذ قال بجواز الاجتماع بین الأمر بالصّلاة والنهی عن الغصب
اجتماعاً آمریّاً، لأنَّ الآمر یوجّه الأمر إلی ال ّ ص لاة والنهی إلی الغصب، فلا یلزم أيّ محذور فی مرحلۀ الأمر، وإنما الاجتماع یأتی فی
بالنظر « الغصب » و « ال ّ ص لاة » عمل المأمور وهناك یحصل المحذور … فیقول المیرزا: بأنّ الإجتماع الآمري إنما لا یلزم حیث ینظر إلی
الموضوعی، أمّا إذا لوحظا باللّحاظ الطریقی، تحقّق بینهما العموم من وجهٍ فی مرحلۀ الجعل وکان المحذور آمریّاً.
الثانیۀ:
إنّ الترکیب بین المبادئ انضمامی وبین المشتقات اتّحادي، وذلک لأن مبادئ المشتقات مأخوذة بشرط لا، ولذلک لا یصح الحمل
بینها، مثلًا: العلم والعدالۀ لا یصح حمل أحدهما علی الآخر، ولا علی الذات المعروضۀ لهما،
ص: 83
فلا یقال زید علم، بخلاف عنوان العالم والعادل … إذن … المشتقات قابلۀ للحمل والاتحاد بخلاف المبادئ.
وبعبارة اخري: إنه یشترط فی الترکیب الاتحادي وجود جهۀ اشتراكٍ وجهۀ افتراق، وهذه الخصوصیّۀ موجودة فی المشتقات دون
المبادئ، وذلک لوجود العالم غیر الفاسق، والفاسق غیر العالم، والعالم الفاسق … هذا فی المشتقات، أمّا فی المبادي فلا، لکونها
مقولات، والمقولات بسائط ولا یعقل الترکیب فیها حتی یکون فیما بینها جهۀ اشتراك وجهۀ افتراق … بل إنّ العلم مباینٌ بتمام ذاته
وبالعکس، فلا « الغصب » علی « ال ّ ص لاة » للعدالۀ وبالعکس … ولذا لا یقال: العلم عدل، لکنْ یقال: العالم عادلٌ … إذن: لا یصحّ حمل
یصح الاتحاد بینهما.
وبعبارةٍ ثالثۀ: إن ماهیّۀ کلّ مبدءٍ من المبادي یمکن تحقّقها بتمام ماهیّتها معزولۀً عن غیرها، فماهیّۀ الصّلاة فی المکان المغصوب نفس
فی حال - « الغصب » و « الصّلاة » الماهیّۀ فی المکان المباح، والغصب فی غیر مورد الصّلاة هو الغصب فی موردها، فلو کان الاتحاد بین
الاتیان بها فی المکان المغصوب- اتحادیّاً لما کان للصّلاة تحقّق فی غیر المکان المغصوب، کما هو الحال فی الحیوان الناطق، فإنه مع
الاتحاد بینهما لا یعقل وجود أحدهما بمعزلٍ عن وجود الآخر … فإذن…
اتحادیّاً بل هو فی الدار المغصوبۀ انضمامی. « الغصب » و « الصّلاة » لیس الترکیب بین
وحاصل الکلام هو أنْ لا اتّحاد بین ال ّ ص لاة والغصب، بل الترکیب بینهما انضمامی، وعلی هذا، تخرج المسألۀ من باب التعارض، فإنْ
عجز عن امتثال کلا الحکمین، کانت من صغریات باب التزاحم ولزم الرجوع إلی قواعد ذلک الباب.
ص: 84
موافقۀ الُأستاذ فی الکبري … ص: 84
أمّا ما ذکره أوّلًا من أنّ المبدء مأخوذ بشرط لا والمشتق مأخوذ لا بشرط، فموضع التحقیق فیه هو مبحث المشتق … ونحن نتکلَّم هنا
صفحۀ 69 من 265
علی سائر کلماته فی المقام.
فأمّا أن المبادئ لیس فیما بینها جهۀ اشتراك وامتیاز، فالکلام تارةً فی الکبري واخري فی الصغري.
أما من الناحیۀ الکبرویّۀ فلا إشکال، لأنّه إذا کان هذا المبدء من مقولۀٍ وذاك من مقولۀٍ اخري، فالاتحاد بینهما محال، لأن المقولات
متباینات بتمام الذات، فإذا حصلتا، کان لکلٍّ منهما وجود غیر وجود الاخري، والترکیب بینهما انضمامی. بخلاف المشتقّات، لأن
المشتق إن کان هو المبدء لا بشرط- کما علیه المیرزا- فهو قابل للاتّحاد، وإن کان الذات والمبدء، فمن الجائز قیام المبدءین بذاتٍ
واحدةٍ، کقیام العدل والعلم بزید.
اشکال السید الخوئی … ص: 84
وقد اشکل علی هذه الکبري: بأن الترکیب بین المبادئ قد یکون اتحادیّاً، لأنَّ المقصود بالبحث فی اجتماع الأمر والنهی هو الأفعال
الخارجیۀ، لا الأوصاف کالعلم والعدل ونحوهما، فإن کان الفعل الخارجی من العناوین المنتزعۀ من ذات خارجیۀ وکان العنوان ذا
معنونٍ هو من المقولات، مثل الرکوع، ممّا هو من مقولۀ الوضع، والتکلّم، ممّا هو من مقولۀ الکیف المحسوس، فلا یقبل الاتحاد. وأمّا
إنْ کان فعلًا لا واقعیّۀ له خارجاً، مثل التصرّف فی مال الغیر ونحوه ممّا لیس من المقولات بل هو عنوان منتزعٌ منها، فلا یتم ما ذکره،
فلو أمر بالتکلّم ونهی عن التصرف فی مال الغیر لکون التکلّم أمراً واقعیّاً والتصرف المنهی عنه منتزع من
ص: 85
نفس التکلّم الواقع فی فضاء ملک الغیر، تحقّق الاتّحاد.
والحاصل: إن ما ذهب إلیه المیرزا إنما یتمُّ فی ما إذا کان المبدآن مقولتین موجودتین فی الخارج بوجودین. أمّا فیما لو کان أحدهما
منتزعاً من الآخر کالمثال المذکور، فلا یتم ما ذکره … بل لابدَّ من التفصیل بین المبادئ.
نظر الُأستاذ … ص: 85
فقال الأُستاذ: بأنْ هذا الإیراد المتّخذ من کلمات المحقق الاصفهانی- علی دقّته- یندفع بالتأمّل فی کلمات المیرزا، فإنه لمّا قسَّم
فی المقدّمۀ الثانیۀ- إلی الأقسام التی ذکرناها عنه، جَعَلَ المفاهیم الانتزاعیۀ ممّا لیس له ما بأزاء خارجاً، ومعنی ذلک: - «1» المفاهیم
قیام الأمر الانتزاعی بمنشأ انتزاعه، وهذا هو الاتحاد وجوداً.
من بحث الاجتماع موارد العموم من وجه، وموارد العنوانین التولیدیین الموجودین بوجودٍ واحد، کما لو «2» وأیضاً، فإنّه قد أخرج
وقف تعظیماً للعادل والفاسق، وموارد ما إذا وجد متعلَّق الأمر والنهی بوجود واحد، کما لو قال إشرب ولا تغصب، فشرب الماء
المغصوب…
فالمیرزا غیر قائل بأن مبادئ الأفعال علی الإطلاق لا تقبل الترکیب الاتحادي حتی یرد علیه الإشکال المزبور.
الکلام فی الصغري … ص: 85
أما من ناحیۀ الصغرویّۀ، فلا یمکن المساعدة مع المیرزا، فإنّ ظاهر کلامه أن الترکیب بین ال ّ ص لاة والغصب انضمامی لکونهما من
مقولتین، وأنّ القول ببطلان تلک ال ّ ص لاة مستند إلی کونها مقرونۀً بالقبح الفاعلی، فلا تصلح للتقرّب، لا إلی المبنی فی مسألۀ اجتماع
الأمر والنهی.
__________________________________________________
(1)
صفحۀ 70 من 265
.401 (2 - فوائد الاصول ( 1
.412 (2 - 2) فوائد الاصول ( 1 )
ص: 86
لکنّ التحقیق هو: أنّ ال ّ ص لاة من مقولاتٍ مختلفۀ، لأنها مرکّبۀ من أجزاء بعضها من الکیف النفسانی کالنیّۀ، وبعضها من الکیف
المحسوس کالتکبیر والقراءة، وبعضها کالقیام والرکوع والسجود هیئۀ حاصلۀ من نسبۀ بعض أجزاء البدن إلی البعض الآخر … وأمّا
الهويّ إلی الرکوع والسجود، فقد وقع الکلام فی کونه من أجزاء الصّلاة أو لا … هذا بالنسبۀ إلی الصّلاة.
وهما العنوانان الواردان فی - « التصرف فی مال الغیر بلا إذن » و « الغصب » وأمّا الغصب، فهو الاستیلاء العدوانی علی ملک الغیر، وهل
الأدلّۀ- واحد مفهوماً کما هو ظاهر الفقهاء أو لا؟ فیه بحث لیس هذا محلّه.
مبدءً غیر الآخر، والترکیب بینهما انضمامی، وقلنا بعدم سرایۀ کلٍّ من الأمر والنهی « الغصب » و « ال ّ ص لاة » وعلی هذا، فإن کان کلّ من
إلی متعلَّق الآخر، کانت ال ّ ص لاة فی ملک الغیر صحیحۀً، غیر أنه قد عصی من جهۀ التصرف فی ملک الغیر بدون إذنه، وهذا هو
المقصود من الجواز … وهو مدّعی المیرزا.
مفهوم انتزاعی ینشأ من التصرّف فی مال الغیر، فلیس له ما بأزاء فی الخارج، والتصرف تارةً یکون « الغصب » لکن التحقیق خلافه، لأنّ
بالأکل واخري بالشرب وثالثۀً بالمشی، فهو ینتزع من امور مختلفۀ، ومن المعلوم أنّ المعنی الانتزاعی قائم بمنشأ انتزاعه ومتّحد معه،
حصل الاتحاد وکان الحق هو الامتناع … وقد عرفنا أن الصّلاة مرکّبۀ من أجزاء هی من « الصّلاة » من أجزاء « التصرف » فإنْ انتزع عنوان
مقولات مختلفۀ.
بلا کلام. « التصرف » فی ملک الغیر، فلا یصدق علیها عنوان « النیۀ » فأمّا
وأمّا التکبیر والقراءة ونحوهما فی فضاء ملک الغیر، فلا ریب فی أنها تصرّف عقلًا، إنما الکلام فی ال ّ ص دق العرفی، ومع الشک فیه
یکون التمسّک بقوله
ص: 87
تمسّکاً بالدلیل فی الشبهۀ الموضوعیۀ لنفس الدلیل … ومع وصول النوبۀ إلی الأصل العملی فالمرجع … « لا یحلّ لأحدٍ أن یتصرّف »
هو البراءة.
جزءً من « الهوي » إلیهما واضحٌ، لکنّ کون « الهوي » وأمّا الرکوع والسجود، فإنّ التصرّف لا یصدق علی نفس الهیئۀ، وصدقه علی
أو أنّه مقدّمۀ لتحقق الرکوع والسجود وهما الجزآن؟ فیه خلاف. « الصّلاة » أجزاء
وبعد، فإنّ القدر المتیقن من أجزاء ال ّ ص لاة الحاصل فی ملک الغیر والصادق علیه عنوان الغصب هو: الاعتماد علی ملک الغیر فی حال
القیام، فإنّه لولاه لم یتحقق القیام شرعاً، والاعتماد علی ملک الغیر فی حال السجود- بناءً علی اعتباره فیه وعدم کفایۀ مماسّۀ الجبهۀ
للأرض- فإنّ هذین الاعتمادین تصرّف عرفاً، ولمّا کان التصرّف عنوان انتزاعیّاً، فإنّه یتحقق الاتّحاد بینه وبینهما، وإذا حصل ثبت
الامتناع، وکانت الصّلاة باطلۀ.
فالنتیجۀ هی بطلان الصّلاة … إلّاأنْ یخدش فی شیء من مقدّماتها.
هذا هو التحقیق من الناحیۀ الصغرویّۀ … وبذلک یتبیّن صحّۀ صلاة المیّت فی ملک الغیر بدون إذنه، لأنّها لیست إلّاالتکبیرات
والأذکار والأدعیۀ … وکذا صلاة من لا یقدر علی القیام، إلّاأن یقال بکونه معتمداً علی الأرض فی جلوسه.
عن محلّ الکلام، لوقوع الشرب « إشرب الماء ولا تغصب » من خروج مثل «1» وبعد ذلک کلّه … یرد علی المیرزا النقض بما ذکره
و « الصلاة » لوجود الملاك الذي ذکره- وهو استحالۀ اتّحاد المبادئ- فی « صلّ ولا تغصب » مصداقاً للغصب، لعدم الفرق بینه وبین
معاً بلا فرق. « الشرب »
صفحۀ 71 من 265
وأیضاً، فإنّه فی الفقه- فی مسألۀ الصّلاة فی المغصوب- قال ببطلانها فی
__________________________________________________
.412 (2 - 141 ، فوائد الاصول ( 1 / 1) أجود التقریرات 2 )
ص: 88
اللّباس أو المکان المغصوب، لتحقّق الاتّحاد فی الحرکۀ ال ّ ص لاتیۀ فیه بین ال ّ ص لاة والغصب؛ فکان دلیله علی البطلان مسألۀ امتناع
اجتماع الأمر والنهی، لا الإجماع وغیره من وجوه الاستدلال … هذه عبارته هناك:
السابع ممّا یشترط فی اللّباس: أن لا یکون مغصوباً … والذي یدل علی ذلک- مضافاً إلی الإجماع فی الجملۀ- هو کون المسألۀ من »
صغریات باب اجتماع الأمر والنهی … بمعنی کون الحرکۀ الخاصۀ مأموراً بها لکونها من أفعال ال ّ ص لاة ومنهیّاً عنها لکونها تصرّفاً فی
.«1 …» « الغصب
وتلخّص:
موجود بلا إشکال. « لا تکرم الفاسق » و « أکرم العالم » إن الترکیب بین المشتقات اتحادي بلا ریب، والتعارض فی محلّ الاجتماع بین
وأمّا بین المبادئ، فمتی کان لمبدءین وجود واحد فی الخارج، فلا مناص من الترکیب الاتحادي والقول بالامتناع.
. تنبیه (فی حقیقۀ الغصب …) ص: 88
قد اختلفت أنظار الأکابر فی بیان حقیقۀ الغصب وأنه بأيّ جزءٍ من أجزاء الصّلاة یتحقق؟
فالمیرزا علی أن الرکوع والسجود من مقولۀ الوضع، والغصب من مقولۀ الأین، وإذا اختلفت المقولات کان الترکیب انضمامیاً لا
اتحادیاً.
علی أن الغصب عبارة عن الفعل الشاغل لمحلّ الغیر فی حال عدم رضاه لا أنه إشغال ملک الغیر، وهذا العنوان «2» والمحقق العراقی
ینطبق علی الأجزاء
__________________________________________________
.320 -318 ،285 / 1) کتاب الصلاة 1 )
.417 (2 - 2) نهایۀ الأفکار ( 1 )
ص: 89
الصّلاتیۀ لکونها أفعالًا، فیکون الرکوع فعلًا شاغلًا للمکان وهکذا غیره من الأفعال.
ذهب إلی أن الأجزاء ال ّ ص لاتیۀ من مقولات متعدّدة، لأنّ الرکوع من مقولۀ الوضع ولا یصدق علیه التصرف «1» والمحقق الإصفهانی
فی ملک الغیر، لکن السجود وضع الجبهۀ علی أرض الغیر وبوضعها علیها یصدق عنوان التصرف ویلزم الامتناع، وکذلک القیام،
لتحقق التصرّف فی أرض الغیر فیه بالاعتماد علیها.
ذهب إلی أنّ مفهوم السّجود لا یتحقق إلّابالاعتماد وهو تصرّف، أمّا وضع الجبهۀ بدون الاعتماد علی الأرض، ،«2» والمحقق الخوئی
فلیس بسجود ولا یصدق علیه التصرف فی ملک الغیر.
وللنصوص، - «3» وأفاد شیخنا دام ظلّه: بأن هذا القول مخالفٌ لتصریحات أهل اللّغۀ،- إذ السجود عندهم وضع الجبهۀ علی الأرض
ففی صحیحۀ زرارة:
قلت: الرجل یسجد وعلیه قلنسوة أو عمامۀ؟ »
.«4» « فقال: إذ مسّ جبهته الأرض فیما بین حاجبه وقصاص شعره فقد أجزأ عنه
صفحۀ 72 من 265
وکذلک غیرها.
فالصحیح ما ذهب إلیه المحقق الاصفهانی فی مفهوم السجود، لکنّ صدق التصرّف علی مجرّد وضع الجبهۀ علی الأرض مشکل،
فالشبهۀ مفهومیۀ لو لم
__________________________________________________
.316 / 1) نهایۀ الدرایۀ 2 )
.491 / 2) محاضرات فی اصول الفقه 3 )
.371 / 3) انظر: تاج العروس فی شرح القاموس 2 )
137 ، الباب 12 ، باب استحباب جعل المصلّی بین یدیه… / 4) وسائل الشیعۀ 5 )
ص: 90
عنه. … « لا یحلّ لامرئ أن یتصرّف » نقل بانصراف دلیل
وتلخّص: إن مفهوم السجود غیر متقوّم بالاعتماد خلافاً للسیّد الخوئی بل هو مجرّد وضع الجبهۀ وفاقاً للمحقق الاصفهانی، لکنّ الکلام
فی صدق التصرف علی ذلک…
ولا ریب فی صدق التصرّف علیه، ومن هنا اختار الأُستاذ الامتناع، فوافق القائلین « التمکّن من الأرض » إلّا أن الشارع اعتبر فی السجود
به فی القول وخالفهم فی الدلیل، والدلیل عنده هو النصّ:
سألته عن الرجل یسجد علی الحصی فلا یمکّن جبهته من الأرض. » : عن علی بن جعفر عن أخیه موسی بن جعفر علیهما السلام قال »
.«1» « قال: یحرّك جبهته حتی یتمکّن فینحّی الحصی عن جبهته ولا یرفع رأسه
وأمّا ما ذهب إلیه المحقق العراقی من أن الرکوع والسجود نفس الفعل، ففیه: إنهما عبارة عن الهیئۀ الحاصلۀ من نسبۀ أجزاء البدن
.« الهیئۀ » علی « التصرف » بعضها إلی بعضٍ، ولا یصدق
أن یکون المصلّی فی حال القیام معتمداً علی رجلیه، فلا یستند إلی «2» وبقی القیام، والمستفاد من النصوص کصحیحۀ ابن سنان
الجدار ونحوه، ومن الواضح أنّ الاعتماد علی الرجل إعتماد علی الأرض، فیلزم الاجتماع والامتناع.
. الوجه الرابع … ص: 90
اشارة
من أدلّۀ القائلین بالجواز: وقوع الاجتماع فی الشریعۀ بین الحکمین من الوجوب والکراهۀ، والاستحباب والکراهۀ، والوجوب والاباحۀ،
والاستحباب
__________________________________________________
. 353 ، الباب 8 من أبواب السجود، الرقم 3 / 1) وسائل الشیعۀ 6 )
. 500 ، الباب 10 من أبواب القیام، الرقم 2 / 2) وسائل الشیعۀ 5 )
ص: 91
والإباحۀ … وأدلّ دلیل علی إمکان الشیء وقوعه.
هذا الوجه علی غیره فی الذکر، إذ قال فی تقریره: إنه لو لم یجز اجتماع الأمر والنهی لما وقع نظیره، «1» ( وقد قدّم صاحب (الکفایۀ
وقد وقع، کما فی العبادات المکروهۀ، کال ّ ص لاة فی مواضع التهمۀ وفی الحمام والصیام فی السفر وفی بعض الأحکام. بیان الملازمۀ:
صفحۀ 73 من 265
إنه لو لم یکن تعدد الجهۀ مجدیاً فی إمکان اجتماعهما، لما جاز اجتماع حکمین آخرین فی موردٍ مع تعدّدهما، لعدم اختصاصهما من
بین الأحکام بما یوجب الامتناع من التضاد، بداهۀ تضادّها بأسرها. والتالی باطل، لوقوع اجتماع الکراهۀ والایجاب أو الاستحباب فی
مثل ال ّ ص لاة فی الحمام والصیام فی السفر وفی عاشوراء ولو فی الحضر، واجتماع الوجوب أو الاستحباب مع الاباحۀ أو الإستحباب فی
مثل الصّلاة فی المسجد أو الدار.
الجواب الإجمالی … ص: 91
وقد اجیب فی (الکفایۀ) وغیرها عن هذا الاستدلال بالإجمال، بوجوه:
الأول: إنه لمّا قام البرهان العقلی علی امتناع شیء، فلابدّ من ارتکاب التأویل فیما ظاهره جواز ذلک الشیء، ضرورة أن الظهور لا
یصادم البرهان، وهنا کذلک، فإنّ البرهان قام علی امتناع الإجتماع بین الضدّین، والأحکام الخمسۀ متضادّة.
والثانی: إنّ اجتماع الحکمین فی الموارد المذکورة کما یتوجّه علی الإمتناعی کذلک یتوجّه علی الجوازي، لأن القائل بجواز
الاجتماع إنما یقول به حیث یکون الشیء الواحد ذا عنوانین، أمّا ما یکون بعنوانٍ واحدٍ کالصّلاة فی
__________________________________________________
. 1) کفایۀ الاصول: 161 )
ص: 92
الحمّام مثلًا فلا یقول الجوازي أیضاً بالاجتماع فیه.
وثالثاً: إنّ الموارد المذکورة لا مندوحۀ فیها، بخلاف محلّ البحث کالصّلاة فی المکان المغصوب فله مندوحۀ.
الکلام فی العبادات المکروهۀ … ص: 92
اشارة
وأجاب المحقق الخراسانی بالتفصیل فقال: إن العبادات المکروهۀ علی ثلاثۀ أقسام:
الأول: ما تعلَّق به النهی بعنوانه وذاته ولا بدل له، کصوم یوم عاشوراء والنوافل المبتدئۀ فی بعض الأوقات.
والثانی: ما تعلَّق به النهی کذلک ویکون له البدل، کالنهی عن الصلاة فی الحمام.
والثالث: ما تعلَّق النهی به لا بذاته بل بما هو مجامع معه وجوداً أو ملازم له خارجاً، کالصلاة فی مواضع التهمۀ، بناءً علی کون النهی
عنها لأجل اتّحادها مع الکون فی مواضعها.
. القسم الأوّل کصوم عاشوراء …: ص: 92
رأي صاحب الکفایۀ … ص: 92
ثم أجاب عن الاستدلال فی القسم الأوّل- الذي هو أهمّ الأقسام- بما حاصله:
لقد قام الإجماع علی وقوع صوم یوم عاشوراء صحیحاً، ومع ذلک یکون
ص: 93
ترکه أرجح کما یظهر من مداومۀ الأئمۀ- علیهم السلام- علی الترك، فیکون صوم عاشوراء من قبیل المستحبّین المتزاحمین، لا من
قبیل تعلّق الأمر والنهی بشیء واحد، وذلک، لأن الأمر قد تعلَّق بفعل هذا الصوم، لکونه عبادةً، وتعلّق بترکه، لکونه عملًا قد التزم به بنو
صفحۀ 74 من 265
امیّۀ بعد قتل سید الشهداء الحسین علیه السلام، وإذا کان من صغریات باب التزاحم، فإنه یحکم بالتخییر بین الفعل والترك لو لم یکن
أهم فی البین، وإلّا فیتعیّن الأهم وإنْ کان الآخر یقع صحیحاً، حیث أنه کان راجحاً وواجداً للملاك وموافقاً للغرض.
إذن، لیس هذا المورد من قبیل اجتماع الاستحباب والکراهۀ لیتمّ الاستدلال به للقول بالجواز، بل من قبیل التزاحم بین المستحبین،
وهما فعل الصوم وترکه.
.«1» هذا ما أفاده صاحب (الکفایۀ) تبعاً للشیخ الأعظم
إشکال المیرزا … ص: 93
فأشکل علیه المیرزا قائلًا: إن الفعل والترك إذا کان کلّ منهما مشتملًا علی مقدارٍ من المصلحۀ، فبما أنه یستحیل تعلّق الأمر بکلٍّ من
النقیضین فی زمانٍ واحدٍ، یکون المؤثّر فی نظر الآمر احدي المصلحتین علی تقدیر کونها أقوي من الاخري، ویسقط کلتاهما عن
التأثیر علی تقدیر التساوي، لاستحالۀ تعلّق الطلب التخییري بالنقیضین، لأنه من طلب الحاصل، وعلیه، یستحیل کون کلٍ من الفعل
والترك مطلوباً بالفعل.
وبالجملۀ، اشتمال کلّ من الفعل والترك علی المصلحۀ، یوجب تزاحم الملاکین فی تأثیرها فی جعل الحکم علی طبق کلٍّ منهما،
لاستحالۀ تأثیرهما فی
__________________________________________________
. 1) مطارح الأنظار: 130 ، کفایۀ الاصول: 163 )
ص: 94
زمانٍ واحدٍ فی طلب النقیضین تعییناً أو تخییراً، وعلیه یتفرّع وقوع التزاحم فی التأثیر فیما کان کلّ من الضدین اللذین لا ثالث لهما
مشتملًا علی المصلحۀ أو المفسدة الداعیۀ إلی جعل الحکم علی طبقها، وفیما إذا کان أحد المتلازمین دائماً مشتملًا علی مصلحۀ
والآخر مشتملًا علی مفسدة، فإنه فی جمیع ذلک یستحیل جعل الحکم علی طبق کلٍّ من الملاکین تعییناً أو تخییراً، لرجوعه إلی طلب
النقیضین المفروض استحالته، فلابدّ من جعل الحکم علی طبق أحد الملاکین إنْ کان أحدهما أقوي من الآخر، وإلّا فلا یؤثّر شیء
.«1» منهما فی حمل الحکم علی طبقه
وحاصل کلامه: إنه لا یعقل التزاحم، لأنه إن کان فی مرحلۀ الامتثال- الراجع إلی عدم قدرة المکلّف علی امتثال کلا التکلیفین-
فالفعل والترك متناقضان، فجعل الاستحباب لکلیهما تعییناً طلب للنقیضین، وتخییراً تحصیل للحاصل.
وإن کان فی مرحلۀ الجعل، فإنه یقع الکسر والانکسار بین الملاکین ویصدر الحکم طبق الملاك الغالب منهما، فإنْ لم یکن فالإباحۀ
…فأین التزاحم بین استحباب الفعل واستحباب الترك؟
دفاع السید الخوئی … ص: 94
وقد أجاب السید الخوئی- فی هامش الأجود- بما حاصله: أنه لو کان متعلَّق الأمر حصّۀ من الطبیعۀ، وکان لنقیض تلک الحصّۀ فردان،
فلا مانع من تعلّق الأمر بالح ّ ص ۀ وبأحد النقیضین لها. وما نحن فیه من هذا القبیل، لأنَّ الأمر بصوم عاشوراء قد تعلَّق بالإمساك فیه
بقصد القربۀ- لا بمطلق الإمساك- ولنقیض هذا المتعلَّق فردان، أحدهما: ترك الإمساك رأساً، والآخر الإمساك لا بقصد القربۀ،
__________________________________________________
.173 / 1) أجود التقریرات 2 )
ص: 95
صفحۀ 75 من 265
لکنّ ترك الصوم هو المأمور به لمصلحۀ مخالفۀ بنی امیّۀ، وأما الإمساك بلا قصدٍ فلیس بمأمورٍ به، فما ذکره المیرزا من استحالۀ تعلّق
الأمر بکلا الطرفین لکونه طلباً للنقیضین، غیر صحیح … بل المورد من باب التزاحم- کما هو الحال فی کلّ موردٍ یکون للضدّین
ثالث- وحینئذٍ، یکون المرجع قاعدة باب التزاحم.
جواب الُأستاذ عن هذا الدفاع … ص: 95
وقد أجاب الشیخ الأُستاذ عمّا ذکر بوجهین:
أحدهما: إنه کان بنو امیّۀ یصومون فی یوم عاشوراء بقصد القربۀ، والمخالفۀ معهم تتحقّق بترکه بقصد القربۀ وبترکه رأساً، نعم،
الإفطار إعلانٌ للمخالفۀ، وهذا أمر آخر.
وثانیاً: إنّه- بعد التنزّل عمّا ذکرناه- غیر متناسب مع مقام الإثبات، لأنّ فی الأخبار ما هو صریحٌ فی استحباب صوم یوم عاشوراء بحیث
وفیها أیضاً ما لا یتناسب مع القول «1» « صام رسول اللَّه یوم عاشوراء » : لا یلائم مداومۀ أهل البیت علیهم السلام علی الترك، ففیها
.(2) « فَإنَّه یکفّر ذنوب سنۀ » بأرجحیّۀ الترك من الفعل، کقوله علیهم السلام
فما ذکره المیرزا وارد.
هذا تمام الکلام فی جواب الشیخ والمحقق الخراسانی.
رأي المیرزا … ص: 95
ثم إن المیرزا بعد أن أورد علی کلام (الکفایۀ)- تبعاً للشیخ- بما تقدَّم قال:
والتحقیق فی الجواب عن هذا القسم یتّضح برسم مقدّمۀٍ نافعۀ فی جملۀٍ من الموارد، وهی: إنه لا شبهۀ فی أنّ النذر إذا تعلَّق بعبادةٍ
مستحبّۀ، فالأمر الناشئ
__________________________________________________
. 457 ، الباب 20 ، رقم 1 و 2 / 1) (و 2) وسائل الشیعۀ 10 )
ص: 96
من النذر یتعلّق بذات العبادة التی کانت متعلّقۀ للأمر الاستحبابی فی نفسها، فیندكّ الأمر الاستحبابی فی الأمر الوجوبی ویتّحد به،
فیکتسب الأمر الوجوبی جهۀ التعبّد من الأمر الاستحبابی، کما أنّ الأمر الاستحبابی یکتسب جهۀ اللّزوم من الأمر الوجوبی، فیتولّد من
اندکاك أحد الأمرین فی الآخر أمر واحد وجوبی عبادة، والسرّ فی ذلک: أنه إذا کان متعلّق کلٍّ من الأمرین عین ما تعلَّق به الآخر،
فلابدّ من اندکاك أحدهما فی الآخر وإلّا لزم اجتماع الضدّین فی شیء واحد.
وأما إذا کانت العبادة المستحبۀ متعلَّقۀ للإجارة فی موارد النیابۀ عن الغیر، کان متعلَّق الأمر الاستحبابی مغایراً لما تعلَّق به الأمر
الوجوبی، لأن الأمر الاستحبابی علی الفرض تعلَّق بذات العبادة، وأما الأمر الناشئ من الإجارة فهو لم یتعلّق بها بل تعلَّق بإتیان العبادة
بداعی الأمر المتوجّه إلی المنوب عنه، وعلی ذلک یستحیل تداخل الأمرین باندکاك أحدهما فی الآخر فی موارد الإجارة علی
العبادة، إذ التداخل فرع وحدة المتعلَّق، والمفروض عدم وحدته فی تلک الموارد، فلا یلزم اجتماع الضدّین فی شیء واحد.
(ثم قال) ما حاصله: إن ما نحن فیه من قبیل الإجارة لا من قبیل النذر، فالأمر بصوم عاشوراء متعلِّق بذات العبادة، لکنّ النهی متعلِّق
بالتعبّد بهذه العبادة لِما فیه من المشابهۀ للأعداء، فاختلف المتعلَّق، لکنّ النهی لمّا کان تنزیهیّاً، فإنّه لا یکون مانعاً من التعبّد بمتعلّقه،
بل یجوز الإتیان بتلک العبادة بداعی الأمر المتعلّق بذاتها … فارتفع إشکال اجتماع الضدّین فی هذا القسم من العبادات المکروهۀ
.«1»
صفحۀ 76 من 265
__________________________________________________
.177 -174 / 1) أجود التقریرات 2 )
ص: 97
الإشکال علی المیرزا … ص: 97
ویرد علی الجواب المذکور وجوه:
أوّلًا: إنه لا یعقل الإندکاك فی مورد البحث، لأن الإندکاك یکون فی الحقیقۀ ذات المرتبۀ، فإذا حصلت المرتبۀ الشدیدة للشیء
اندکّت فیها المرتبۀ الضعیفۀ منه، کما فی النور مثلًا … فما ذکره یتمُ فی الملاکات والأغراض حیث المناط الضعیف یندكّ فی
القوي، أمّا فی الأمر أو النهی التابع للملاك فلا یعقل الاندکاك، لأن الأمر عبارة الإنشاء، سواء کان حقیقته الإیجاد أو إبراز الاعتبار.
والنهی کذلک، سواء کان طلب الترك کما علیه صاحب (الکفایۀ) والمیرزا أو هو الزجر کما علیه غیرهما- واندکاك الإنشاء فی
إنشاءٍ آخر غیر معقول.
وثانیاً: لو سلّمنا الاندکاك، فلا وجه لکون المرتبۀ الشدیدة عبادةً وواجبۀ، لأنّ دلیل الوجوب هو الأمر بالوفاء بالنذر، وهو وجوب
توصّلی لا ینقلب إلی عبادي، کما أن الاستحباب التعبّدي لا ینقلب إلی التوصّلی، فمن أین ما ذکره المیرزا؟
وثالثاً: إن قیاسه ما نحن فیه علی باب الإجارة، مخدوش بأنّ متعلّق الأمر فی صوم عاشوراء لیس مطلق الإمساك، بل هو الإمساك قربۀً
إلی اللَّه، ومتعلّق النهی إن کان نفس الصوم کذلک، فالاجتماع حاصل، وإن کان هو التعبّد بهذا الصّوم کما ذکر المیرزا، فإنّ التعبّد
یعنی الإتیان به قربۀ إلی اللَّه، فیکون نفس متعلَّق الأمر، ویلزم الاجتماع.
ورابعاً: إن طریق الحلّ الذي ذکره غیر مناسب لمقام الإثبات، لأن محصّل کلامه هو تعدّد المتعلّق، وأنّ متعلّق الأمر هو نفس الصوم
ومتعلَّق النهی هو التعبّد بهذا الصّوم، لکنّ الروایات الواردة فی صوم یوم عاشوراء تدلّ علی مبغوضیّۀ الصوم نفسه:
ص: 98
عن عبداللَّه بن سنان قال: دخلت علی أبی عبداللَّه علیه السلام یوم عاشوراء ودموعه تنحدر علی عینیه کاللؤلؤ المتساقط، فقلت: ممّ »
بکاؤك؟ فقال:
أفی غفلۀٍ أنت! أما علمت أن الحسین- علیه السلام- أصیب فی مثل هذا الیوم؟
فقلت: ما قولک فی صومه؟ فقال لی: صمه من غیر تبییت وأفطره من غیر تشمیت، ولا تجعله یوم صوم کملًا، ولیکن إفطارك بعد
.«1» « صلاة العصر بساعۀٍ علی شربۀ من ماء، فإنه فی مثل ذلک الوقت من ذلک الیوم تجلّت الهیجاء عن آل رسول اللَّه. الحدیث
لقد أمر علیه السلام بالإمساك بلا نیّۀٍ، إذنْ، لا عبادیّۀ لصوم عاشوراء.
سألت أبا عبداللَّه علیه السلام عن صوم تاسوعا وعاشورا من شهر المحرم … ثم قال: » : وعن عبدالملک
وأما یوم عاشورا، فیوم اصیب فیه الحسین صریعاً بین أصحابه وأصحابه صرعی حوله، أفصوم یکون فی ذلک الیوم؟ کلّا وربّ البیت
الحرام، ما هو یوم صوم، وما هو إلّایوم حزن ومصیبۀ دخلت علی أهل السماء وأهل الأرض وجمیع المؤمنین، ویوم فرح وسرور لابن
.(«2 …») « مرجانۀ وآل زیاد وأهل الشام … فمن صام أو تبرّك به حشره اللَّه مع آل زیاد
سألت الرضا علیه السلام عن صوم یوم عاشوراء وما یقول الناس فیه. فقال: عن صوم ابن مرجانۀ تسألنی؟ » : وعن جعفر بن عیسی قال
ذلک یوم صامه الأدعیاء من آل زیاد لقتل الحسین، وهو یوم یتشائم به آل محمّد ویتشائم به أهل الاسلام، والیوم الذي یتشائم به أهل
.(3 …) « الاسلام لا یصام ولا یتبرّك به
من صامه کان حظّه من صیام ذلک » : وعن عبید بن زرارة عن أبی عبداللَّه
صفحۀ 77 من 265
__________________________________________________
. 458 ، الباب 20 من أبواب الصوم المندوب، الرقم: 7 / 1) وسائل الشیعۀ 10 )
. 459 ، الباب 21 ، رقم 2 و 3 / 2) (و 3) وسائل الشیعۀ 10 )
ص: 99
الیوم حظّ ابن مرجانۀ وآل زیاد. قال قلت: وما کان حظّهم من ذلک الیوم؟ قال:
.«1 …» « النار. أعاذنا اللَّه من النار ومن عمل یقرّب من النار
فالأخبار صریحۀٌ بمبغوضیۀ صوم عاشوراء. فلا وجه لما ذکره المیرزا.
رأي المحقق العراقی … ص: 99
وأجاب المحقق العراقی عن الإستدلال بالعبادات المکروهۀ بوجهین:
الأول: إن صوم یوم عاشوراء مستحب، والنهی عنه یدل علی أقلیّۀ الثواب.
والثانی: إن الأمر قد تعلَّق بالصوم، والنهی متعلَّق بإیقاعه فی هذا الظرف الخاص.
وهذا نصّ کلامه فی العبادات المکروهۀ: نعم، فیما لا بدل لها من العبادات … فلابدّ فیها إمّا من الحمل علی أقلیۀ الثواب والرجحان أو
صرف النهی عن ظاهره إلی إیقاع العبادة فی الأوقات المخصوصۀ، نظیر النهی عن إیقاع جوهر نفیس فی مکان قذر، بجعل المبغوض
.(«2») کینونۀ العبادة فی وقت کذا لا نفسها حتی لا ینافی المبغوضیۀ مع محبوبیۀ العمل ورجحانه المقوّم لعبادیته
وفیه:
أما الأول، فقد عرفت منافاته للنصوص.
وأمّا الثانی، فإنّ الأمر والنهی کلیهما واردان علی هذه الح ّ ص ۀ من الصّوم أي الصّوم المقیّد بیوم عاشوراء، فلا وجه لما ذکره. نعم، لو
کان متعلَّق الأمر طبیعی الصّوم ومتعلَّق النهی هو الح ّ ص ۀ لتمّ ما ذکره، لکنّ الروایۀ جاءت آمرةً بصوم یوم عاشوراء، وناهیۀً عن صوم
یوم عاشوراء.
__________________________________________________
. 461 ، الباب 21 ، رقم 4 / 1) وسائل الشیعۀ 10 )
.428 (2 - 2) نهایۀ الأفکار ( 1 )
ص: 100
رأي السید الفشارکی کما فی الدرر … ص: 100
وأجاب السید المحقق الفشارکی- علی ما نقل عنه تلمیذه الشیخ الحائري-:
بأن یقال برجحان الفعل من جهۀ أنه عبادة، ورجحان الترك من حیث انطباق عنوان راجح علیه، ولکون رجحان الترك أشدّ من
رجحان الفعل، غلب جانب الکراهۀ وزال وصف الاستحباب، ولکنّ الفعل لمّا کان مشتملًا علی الجهۀ الراجحۀ لو أتی به یکون عبادة،
إذْ لا یشترط فی صیرورة الفعل عبادةً وجود الأمر بل یکفی تحقق الجهۀ فیه علی ما هو التحقیق، فهذا الفعل مکروه فعلًا لکون ترکه
أرجح من فعله، وإذا أتی به یقع عبادةً لاشتمالۀ علی الجهۀ.
إشکال الشیخ الیزدي … ص: 100
صفحۀ 78 من 265
ثم أشکل علیه تلمیذه المحقق فقال: ویشکل بأنّ العنوان الوجودي لا یمکن أن ینطبق علیه العدم، لأنّ معنی الانطباق هو الاتحاد فی
.«1» الوجود الخارجی، والعدم لیس له وجود
نظر الُأستاذ … ص: 100
فقال شیخنا الأُستاذ: بأنّ کبري کلام المستشکل تامّۀ، إذ الانطباق لا یتحقق إلّا مع الاتّحاد، والاتحاد بین الوجود والعدم محال-
والمسألۀ عقلیّۀ لا ینفع فیها النقض بالأمثلۀ العرفیۀ کما فی کلام البعض- فما ذکره حق. لکنّ الإشکال فی الصغري، فإن المجعول
ولا محذور فی اتّحاده مع ترك الصوم. وعلی الجملۀ، فإن صوم عاشوراء « عدم موافقۀ بنی امیّۀ » عنواناً فی النصوص أمر عدمی مثل
مبغوض لموافقته لآل امیّۀ، فیکون ترکه مطلوباً من جهۀ انطباق عنوان عدم الموافقۀ معهم له. فالإشکال مندفع.
__________________________________________________
.169 (2 - 1) درر الفوائد ( 1 )
ص: 101
لکن یرد علی السیّد المحقّق بعد أن یکون العنوان عدمیّاً: بأنّ الأمر العدمی لا یتصوّر فیه المصلحۀ الموجبۀ للرّجحان، لأن المصالح
امور وجودیّۀ والأمر الوجودي لا یقوم بالعدم والعدمی، فالعنوان الأرجح إذا کان عدمیّاً فإنه لا یکون ذا مصلحۀ، ومن هنا تکون
مطلوبیته بالعرض، من جهۀ الحزازة فی الوجود، وإذا کان الوجود مبغوضاً کان ترکه محبوباً بالمحبوبیّۀ العرضیۀ، ولذا لا یکون ترك
صوم عاشوراء مستحبّاً بل الفعل ذو حزازة، فیکون ترکه محبوباً، وعلی هذا، فلا مناص من القول بوجود حزازة فی نفس الصّوم،
وحینئذٍ، لا یجتمع مع الرجحان والاستحباب. هذا أوّلًا.
وثانیاً: إذا کان الفعل مستحبّاً والترك کذلک والترك أرجح، فما هو الموجب لکراهۀ الفعل؟ إنه لا موجب له إلّاأرجحیّۀ الترك،
وهذا موقوفٌ علی أنْ یکون الأمر بالشیء مستلزماً للنهی عن ضدّه العام، لکنّ هذا المبنی باطل.
وثالثاً: إنه لا مناسبۀ بین هذا الوجه وروایات المسألۀ، فمقام الإثبات غیر مساعدٍ له، لأن النصوص واضحۀ الدلالۀ فی مبغوضیّۀ هذا
الصوم وکونه مبعّداً عن اللَّه وموجباً لاستحقاق النار، فکیف یصح الإتیان به عبادةً؟
الجواب الثانی فی الدرر … ص: 101
ثم جاء فی (الدرر): الثانی أن یقال: إن فعل الصّوم راجح وترکه مرجوح، وأرجح منه تحقق عنوانٍ آخر لا یمکن أن یجتمع مع الصوم
ویلازم عدمه، ولمّا کان الشارع عالماً بتلازم ذلک العنوان الأرجح مع عدم الصّوم، نهی عن الصّوم للوصلۀ إلی ذلک العنوان، فالنهی
عن هذا لیس إلّاللإرشاد ولا یکون للکراهۀ، إذ مجرّد کون الضدّ أرجح لا یوجب تعلّق النهی بضدّه الآخر، بناءً علی عدم کون ترك
الضدّ مقدّمۀ کما هو التحقیق. ولعلّ السرّ فی الاکتفاء بالنهی عن الصّوم بدلًا
ص: 102
عن الأمر بذلک العنوان الأرجح، عدم إمکان إظهار استحباب بذلک العنوان. وممّا ذکرنا یظهر الجواب عن النقض بالواجبات التی
تعرض علیها جهۀ الاستحباب، کالصّلاة فی المسجد ونحوها.
وفیه
أوّلًا: إن هذه الکبري- وإنْ کانت مسلّمۀً- غیر منطبقۀٍ هنا، فإن الشارع قد بیَّن ذلک العنوان وصرَّح بسبب النهی عن الصوم وهو
المخالفۀ لبنی امیّۀ.
وثانیاً: إنّ النهی إذا حمل علی الإرشاد، بقی حکم الصوم علی الاستحباب بلا کراهۀٍ، وهذا ینافی النصوص المذکورة وغیرها، ولفتاوي
صفحۀ 79 من 265
الفقهاء بکراهۀ هذا الصّوم.
فما ذکره لا یتناسب مع النصوص والفتاوي.
رأي الشیخ الُأستاذ … ص: 102
وقد رأي شیخنا أنّ الأفضل هو النظر فی النصوص وحلّ المشکل علی أساس ذلک مع لحاظ الفتاوي، فمن الفقهاء- کصاحب
الحدائق- من یقول بالحرمۀ، ومنهم من یقول بالکراهۀ، ومنهم من یقول بالاستحباب، إمّا مطلقاً وإمّا علی وجه الحزن کما علیه صاحب
(الجواهر).
یعنی: إنّ هذا «1» « عن صوم یوم عاشوراء. فقال: صوم متروك بنزول شهر رمضان، والمتروك بدعۀ » : أمّا القول بالحرمۀ فللروایۀ التالیۀ
الصوم منسوخ بصوم شهر رمضان فهو غیر مشروع.
وفیه:
أوّلًا: هذه الروایۀ ضعیفۀ سنداً.
__________________________________________________
(1)
. 461 ، الباب 21 ، رقم 5 / وسائل الشیعۀ 10
ص: 103
وثانیاً: إن کونه متروکاً لا یدل علی النسخ، فقد یکون المراد متروکیّۀ أصل الوجوب.
وثالثاً: إن النسخ لا یتلائم مع الروایۀ عن الإمام الباقر والتی فیها صدور الأمر بصوم عاشوراء عن أمیر المؤمنین علیه الصّلاة والسلام.
واختار السید الخوئی الاستحباب بلا کراهیّۀ، وطرح جمیع ما دلّ علی المنع بالإشکال فی أسانیدها، وأمّا روایۀ عبداللَّه بن سنان، فهی
فی مصباح المتهجّد عن کتاب ابن سنان، ونحن لا علم لنا بحال سند الشیخ إلی کتاب عبداللَّه بن سنان … ولو کان سنده إلیه صحیحاً
لأورد الخبر فی التهذیب والاستبصار.
.«1» فتبقی روایات الاستحباب- کخبر عبداللَّه بن میمون القداح ونحوه- بلا معارض
وقد ناقشه الأُستاذ: بأنْ هذا الخبر أسنده الشیخ فی المصباح إلی ابن سنان، ولولا ثبوت السند عنده لما أسنده إلیه. هذا أولًا. وثانیاً: إنه
قد عمل بهذه الروایۀ من لا یعمل بالأخبار الآحاد، کابن إدریس وابن زهرة. وثالثاً: إن للخبر سنداً معتبراً، فهو عن عمادالدین المشهدي
الطبري- صاحب المزار- عن ابن الشیخ عن الشیخ عن المفید عن ابن قولویه عن الصدوق عن الکلینی عن علی بن إبراهیم عن أبیه
عن ابن أبی عمیر عن عبداللَّه بن سنان.
وتلخّص: وجود روایۀ معتبرة مانعۀ، ولعلّه لذا أفتی فی رسالته العملیۀ بالکراهۀ، وإنْ کان کتاب (مستند العروة) متأخراً عنها … وظهر
وجود التعارض بین أخبار المسألۀ، لأنّ بعضها یأمر وبعضها ینهی.
__________________________________________________
.317 / 1) مستند العروة الوثقی 22 )
ص: 104
تبعاً للشیخ وابن إدریس والمحقق، جمعاً بین النصوص. «1» ( وأمّا القول بالاستحباب علی وجه الحزن، فقد ذهب إلیه صاحب (الجواهر
لکنّ هذا الوجه لا یصلح للجمع بل هو تبرّعی … فالتعارض مستقر.
ومقتضی القاعدة حمل الأخبار الآمرة بالصّوم علی التقیّۀ، لکونها موافقۀً لنصوص العامّۀ وفتاواهم، کما لا یخفی علی من یراجع (سنن
صفحۀ 80 من 265
وتبقی الناهیۀ بلا معارض. ودعوي الإجماع علی الاستحباب- إن تمّت- لا تضرّ، لکونه مدرکیّاً، «2» ( الترمذي) و (المغنی لابن قدامۀ
فالأحوط وجوباً ترك صوم یوم عاشوراء.
. القسم الثانی کالصلاة فی الحمام …: ص: 104
اشارة
وأمّا القسم الثانی من العبادات المکروهۀ کالصّلاة فی الحمام:
رأي صاحب الکفایۀ … ص: 104
بوجهین: «3» ( فقد أجاب فی (الکفایۀ
الأول: إن وجه النهی فیه یمکن أنْ یکون ما ذکر فی القسم الأول طابق النعل بالنعل.
وحاصل ذلک: أن من النهی عن ال ّ ص لاة فی الحمام مع الأمر بها، یستکشف انطباق عنوانٍ علی ترك ال ّ ص لاة فی الحمام أو ملازمۀ
لترکها فیه یجعله- أيالترك- أرجح من الفعل.
الثانی: إنّ الأمر بال ّ ص لاة دالٌّ علی الوجوب، والنهی عن ال ّ ص لاة فی الحمام تنزیهی لا تحریمی، ولمّا کان الأمر بها ملازماً للترخیص
العقلی فی تطبیق الصّلاة
__________________________________________________
.105 / 1) جواهر الکلام 17 )
.133 / 2) المغنی فی الفقه الحنبلی 3 )
. 3) کفایۀ الاصول: 164 )
ص: 105
کانت ال ّ ص لاة فی الحمّام مصداقاً لل ّ ص لاة الواجبۀ، إلّاأنّ النهی عن هذه ال ّ ص لاة یفید ،« صلّ » علی أیّۀ حصّۀٍ منها بمقتضی الإطلاق فی
مرجوحیۀ تطبیق الطبیعۀ علی هذه الحصّۀ، کما أنَّ الأمر بتطبیقها علی حصّۀ الکون فی المسجد یفید الرجحان والمحبوبیّۀ، وذلک، لأنّ
الطبیعۀ المأمور بها فی حدّ نفسها إذا کانت مع تشخصٍ لا یکون له شدّة الملاءمۀ ولا عدم الملاءمۀ، یکون لها مقدار من المصلحۀ
والمزیۀ، کال ّ ص لاة فی الدار مثلًا، وتزداد تلک المزیّۀ فیما لو کان تشخّصها بماله شدّة الملاءمۀ، وتنقص فیما إذا لم تکن له ملاءمۀ،
ولذلک ینقص ثوابها تارةً ویزید اخري، ویکون النهی فیه لحدوث نقصانٍ فی مزیّتها فیه إرشاداً إلی مالا نقصان فیه من سائر الأفراد
ویکون أکثر ثواباً منه، ولیکن هذا مراد من قال إن الکراهۀ فی العبادة بمعنی أنها تکون أقل ثواباً.
هذا، وقد وافق شیخنا علی هذین الجوابین.
. القسم الثالث کالصلاة فی موضع التهمۀ …: ص: 105
اشارة
وأمّا القسم الثالث من العبادات المکروهۀ، کالصّلاة فی مواضع التهمۀ:
رأي صاحب الکفایۀ … ص: 105
صفحۀ 81 من 265
فقد أجاب فی (الکفایۀ): بأنْ حال هذا القسم حال القسم الثانی، فیحمل علی ما حمل علیه فیه طابق النعل بالنعل، حیث أنه بالدقّۀ
یرجع إلیه، إذ علی الامتناع لیس الاتحاد مع العنوان الآخر إلّامن مخ ّ ص صاته ومشخّصاته التی تختلف الطبیعۀ المأمور بها فی المزیّۀ
.«1» زیادةً ونقیصۀً بحسب اختلافها فی الملاءمۀ کما عرفت. وحاصل ذلک هو کون النهی ارشاداً إلی أقلیّۀ الثواب کما تقدّم
__________________________________________________
. 1) کفایۀ الاصول: 165 )
ص: 106
رأي المیرزا … ص: 106
عن هذا القسم- والقسم السابق- بما حاصله: إن العبادة علی القول بالامتناع وإن کانت منهیّاً عنها إلّاأن النهی «1» وقد أجاب المیرزا
عن حصّۀٍ خاصّۀٍ لا یوجب تقیید المأمور به بغیرها ما لم یکن تحریمیّاً أو کان مسوقاً لبیان المانعیّۀ…
ومن المعلوم أنَّ النهی هنا مولوي تنزیهی لا تحریمی، ولا هو إرشاد إلی بیان المانعیۀ، وهو لا ینافی رخصۀ تطبیق المأمور به علی تلک
الحصّۀ، غایۀ الأمر، یکون هذا التطبیق مرجوحاً، فکان الأمر بطبیعۀ ال ّ ص لاة متعلّقاً بصرف وجودها، والنهی التنزیهی متعلَّقاً بحصّۀٍ خاصّۀ
من حصصها، ولمّا کان تنزیهیّاً فهو متضمّن للترخیص فی هذا التطبیق، إلّاأنّه یکون مرجوحاً بالإضافۀ إلی غیر هذه الحصّۀ.
هذا، وقد وافقه تلمیذه المحقق فی (المحاضرات) وسکت علیه فی هامش (الأجود).
إشکال الُأستاذ … ص: 106
ولکنْ قد أشکل علیه شیخنا: بأن المیرزا قد اعترف فی کلامه بوجود التضادّ بین الأمر الوجوبی والنهی التنزیهی، فیتوجّه علیه أن
الضدّین متقابلان، فلا یجتمعان، ولا یکون أحدهما مصداقاً للآخر … وإذا کانت الطبیعۀ متعلَّقۀ للأمر والحصّۀ منها متعلَّقۀ للنهی وکلّ
حصّۀٍ مصداق للطبیعۀ، کان اللّازم کون أحد الضدّین مصداقاً للآخر، وهو محال.
فالحق مع القائلین بأنّ هذا النهی لیس مولویاً، بل هو إرشاد إلی أقلیّۀ الثواب.
__________________________________________________
(1)
.169 / اجود التقریرات 2
ص: 107
وخلاصۀ البحث … ص: 107
أمّا فی القسم الأول، فالمختار إسقاط الأخبار الدالّۀ علی استحباب صوم عاشوراء، لموافقها للعامّۀ. وفی النوافل المبتدئۀ جواب الشیخ و
(الکفایۀ) هو الصحیح.
وأمّا فی القسمین الثانی والثالث، فالمختار حمل النهی علی الإرشاد إلی أقلیّۀ الثواب.
هذا تمام الکلام فی العبادات المکروهۀ.
. الدلیل الآخر للقول بالجواز … ص: 107
وذکر فی (الکفایۀ) عن القائلین بالجواز مسألۀ ما لو أمر بخیاطۀ الثوب ونهی عن الکون فی ملک الغیر … وقد تقدّم الکلام علیه فی
صفحۀ 82 من 265
البحث مع السید البروجردي، فلا نعید.
ص: 108
الإضطرار